د. فهد الفانك يكتب : التحول للاقتراض الأجنبي

أخبار البلد -

 

عند النظر إلى اتجاهات الدين العام نجد أمامنا مسألتين تثيران القلق الأولى ارتفاع المديونية بالأرقام المطلقة وكنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، والثانية التحول من المديونية المحلية بالدينار الأردني إلى المديونية الخارجية بالعملات الأجنبية.
ارتفاع المديونية مستمر طالما أن الموازنة العامة تعاني من عجز كبير ُيغطى بالقروض مع أن العجز ليس ظاهرة عابرة بل حالة مستمرة، أما ارتفاع المديونية بالعملات الأجنبية فهو نتيجة قرار إرادي أخذت به الحكومة عمداً بحجة عدم مزاحمة القطاع الخاص في الحصول على التسهيلات المصرفية، وتعزيز احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، وانخفاض سعر الفائدة على الدولار.
بموجب هذه السياسة لم يرتفع الدين العام المحلي خلال سنة 2013 إلا بمقدار 214 مليون دينار من أصل 2516 مليون دينار أي أن الحكومة لم تكن تقترض محلياً إلا بالقدر الذي تسدده، في حين أن الدين الخارجي ارتفع بمقدار 2302 مليون دينار أي ما يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
حتى نهاية سنة 2012 كانت المديونية الخارجية تقل عن 30% من إجمالي المديونية، فارتفعت النسبة خلال سنة 2013 لتقترب من 40%، ومن المنتظر أن تصل إلى مستوى 50% خلال هذه السنة (2014) لان التركيز مستمر على الاقتراض الخارجي بالدولار.
المديونية الخارجية بالعملات الأجنبية هي المديونية الحقيقية التي ُتؤخذ بالحساب عند تقييم المركز المالي للمملكة، اما المديونية الداخلية بالدينار فهي من الأردن وإليه، أي أن الأردن يصبح مدينأً لنفسه، الأمر الذي لا يؤثر كثيراً على رأي المستثمرين.
عدم مزاحمة القطاع الخاص ليست مبرراً كافياً طالما ان لدى البنوك المحلية سيولة فائضة تكفي لتلبية احتياجات القطاع الخاص، بل إن البنـوك تبحث عن مقترضين، وتنشر إعلانات لاجتذابهم. أما تعزيز احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية فلا قيمة له إذا كان المصدر أموالاً مقترضة تستوجب السداد بالسحب على الاحتياطي. وأما انخفاض سعر الفائدة على الدولار فهو مؤقت، وغير مؤثر خاصة وأن سعر الفائدة على السندات المحلية بالدينار هبط إلى مستوى 4%.
التوجه للاقتراض الخارجي نقطة ضعف مركزية تشكل خطراً متزايداً، وترتب التزامات ثقيلة لخدمة الدين الخارجي بالعملة الاجنبية، مما يشكل ضغطأً ليس فقط على ميزان المدفوعات بل على معدل النمو الاقتصادي أيضاً لأن خدمة الدين الخارجي البالغة هذه السنة 700 مليون دينار تخفض نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 75ر2% نقطة مئوية.