المستقلــــــــة لإدارة الانتخاب و«كيد النسوان»
أذكر جيدا كلمات المخضرم عبد الإله الخطيب عندما خاض تجربته الأولى في رئاسة الهيئة المستقلة لإدارة الإنتخاب وهو يلمح بدبلوماسيته المعهودة إلى أن التجارب الجديدة في المؤسسات تحتاج لوقت حتى يقبلها ويهضمها الجسم الكلي.
المسألة أشبه بعروس جديدة تدخل على العائلة فتبدأ بمواجهة أنماط متعددة من «كيد النسوان».
نساء العائلة قبل جلوس العروس الجديدة في مكانها المعد يهمسن في أذن العروس الشابة لتشويه سمعتها عند الجارات. اما الحماة فلن تقبل بأقل من الخضوع الكامل.
يبدو لي أن شيئا مماثلا حصل مع أول ذراع دستورية جديدة بصلاحيات مستقلة في إدارة العملية الإنتخابية.
مازلنا نذكر الأمانة العامة للهيئة المستقلة وهي تشتكي من عدم وجود «ذراع تنفيذية» تساعدها في تطبيق القانون حتى في أبسط المشكلات مثل إدارة نشر اليافطات الإنتخابية مثلا.
حتى أمانة عمان في الماضي ناكفت الهيئة وقراراتها وكذلك رئاسة الوزراء وبعض الدوائر والوزراء.. كل من لا يحب عضوا في الهيئة المستقلة إستعمل تراثنا الوطني المليء بالإعاقة والأسافين والتجاهل لإضعاف العروس الجديدة.
في غرف العمليات بالإنتخابات الأخيرة، كلنا يعرف كيف «تمرد» بعض الحكام الإداريين بالتفاصيل على قرارات وإدارة الهيئة المستقلة.
لا يوجد مكان لأية عروس إصلاحية جديدة ما دامت الساحة مليئة بـ «الجدات» والكناين والغيورات ومحترفات القال والقيل والنميمة.. ولدت الهيئة المستقلة للإنتخابات صحيح.. خير وبركة، إمنحوها السلام قليلا، حتى تنمو أسنانها، وتصبح قادرة على المشي أو حتى الزحف.
لا يمكنك إنجاز إصلاح حقيقي وجذري بتشكيل هيئات تلو هيئات.. لا بد من قرار سياسي يُخضع الأمني اولا ويدعم عمل هذه الهيئات المستقلة، ولا بد من غطاء سياسي شامل واضح، لا غموض او لبس فيه.
الأسماء ليست مهمة، فالمجرَّب لا يجرَّب، والبلد صغيرة وكلنا يعرف كلنا.. الأهم من الأسماء هو القرار السياسي في حماية الهيئة الوليدة ومنع تقليم أظفارها، مبكرا وقمعها وتدجينها بيروقراطيا قبل ان تبدأ مشوارها.
نصفق للمعنى الوطني والقيمة التي حافظت عليها قيادتنا عندما أمرت بحل الهيئة كلها بسبب «شبهة» محتملة عند احد الأعضاء.. ذلك مهم وأساسي ويعلي من شأن القانون، لكن حتى تأخذ عروسنا الحلوة مكانها الطبيعي وتشارك في عملية الإنتاج، لا بد من الضغط على تلك الفِيَلة التي تحترف تحطيم الجرار.