د. محمد الجمل رجل تسكنه المروءة
بلظى الحزن، ولوعة الوجع، ومرارة الفجيعة، استقبلت اسرة 'المجد' خبر رحيل الدكتور محمد الجمل، الصديق الصدوق، والنصير الدائم، والقارئ الاول 'للمجد' على امتداد عمرها كله.
كان دائب الاتصال 'بالمجد' عقب صدور كل عدد، ناقداً لبعض موضوعاتها ومؤيداً للبعض الآخر، غير ان كل حالات التأييد والتفنيد كانت تتم فوق ارضية من الدعم والتشجيع والتثمين العالي، فقد كان مسكوناً بالعذوبة والمروءة والكرم.
مشكلتنا مع هذا الرجل انه بقي باستمرار اقدرنا على الصدق، واقربنا الى الكمال، فهو - والحالة هذه - لا يحتاج منا او من غيرنا الى تزكية او تنويه او اشادة او شهادة حسن سلوك.. ولهذا فاية كتابة عنه، بعد رحيله، لن تضيف اليه، بل ستأتي - مهما بلغت - ضمن اطار تجميل الجميل وتحصيل الحاصل.
لا يختلف اثنان في بلادنا وبعض الوطن العربي، حول وطنية وعروبة 'ابو فارس'، ولا حول مودته وثقافته واريحيته ورحابة صدره وسمو اخلاقه، فهو نصير الفقراء الذين طالما قدم لهم العلاج المجاني، وهو صديق الاحرار والشرفاء الذين طالما ساندهم ووقف الى جانبهم عند الشدائد، وهو عاشق الكتب والصحف الذي ظل مكباً ومواظباً على القراءة الجادة في عصر الفتاوى والفضائيات والفيس بوك.
رحيل هذا الفارس الاصيل، يدمي الخاطر ويبعث على الاسى والالم مرتين : مرة لاننا فقدنا فيه اخاً عزيزياً ورفيقاً غالياً وغانماً، ومرة اخرى لان هذا الزمان العقيم لن يعوضنا عنه او يجود بامثاله من الناصريين الصامدين الصامتين.. رحمه الله واسكنه فسيح جنانه.