دعم الحكومة للشعب
بطعم المرارة والخذلان تنساب الجرع بأفواه جفت لكثرة ما لاكت لقما من صديد يظن أصحابها أنهم على قيد الحياة فعلا، ولعل الأنفاس بهم من هواء كلما استنشقوه ازدادوا عفنا لطول ما مكثوا بالحفر بلا بحث عن مجرد سطح فما البال بالقمم. وإن في الحياة ما يستحق العيش حقا، فمنه ما هو من أجل مزيد من الألم والاستمرار تحت نير لئيم، وهكذا تماما يصبح الحنظل بعرفهم حلاوة، وتستمر معهم الأيام انبطاحا، ولا ينطبق عليهم القول إن الشعب لا يعرف المستحيل.
تدرك الحكومة أنها في واقع الأمر لا تقدم أي دعم لأحد، وأنها تأخذ باليسار اكثر مما تقدمه باليمين ضرائب ورسوما، وان القصة برمتها ضحك وتذاكٍ على الناس، ولو انها بقرارة حكمها متأكدة من عدم حاجة الناس لما تظاهرت بقصص الدعم، ان نقدا كما حال المحروقات او اسعارا كما في الخبز والغاز المنزلي، غير انها تفعل للإيهام، ودفعا لنهب وقت الناس وحصر جهدهم بلقمة خبز.
وتحضر هنا حكاية الطفل الذي لا يصرخ لا يشرب الحليب، ومقولة الدودة التي تصحو مبكرا تموت، وذلك طالما ان الذي يطير جارحا وليس عصفورا. وكأن الدنيا تعود بحثا عن مارتن لوثر كينغ جديد ينبعث هنا، غير ان البحث جار عن مشتر وليس هنا ابو بكر او عثمان، ولا إيمان ياسر ولا صبر بلال. وكما كونتا كونتي الذي أصر على اسمه الافريقي مثيرا ملحمة الجذور، ينغرز كل يوم جذر جديد في مسيرة لا تنتهي لعبيد.
الخوف من الخوف نفسه، وليس هنا هالات حقيقية بقدر ما في الامر من اغتصابات يجري تداولها عوضا عن السلطة، والهلاك يورث ايضا، والمسار قصة موت معلن تهديدا كمصير، وهو موت ليس بالذبح الذي اقسى منه الحرمان والاقصاء والابعاد وحصار لكي لا يكون العيش كريما. والحال برمته يشابه تماما حكاية أسف على من مات بعد أن اعتاد قلة الأكل.