أنواع المسؤولين القدامى
اخبار البلد - محمد علاونه
غالبا ما يتعرض الذين شغلوا مناصب رفيعة في الدولة لسيل من الانتقادات في اللحظة الأولى التي يغادرون فيها كراسيهم؛ على اعتبار أنهم سبب الإخفاقات الحاصلة في مجالات السياسة والاقتصاد والإجتماع.
سر غريب؛ يبقى بعض هؤلاء تحت الأضواء دون أن يمسوا بل على العكس تواصل أطراف مختلفة في إبراز إنجازاتهم وتأثيرهم في العمل العام، وغالبا ما يكون وهميا؛ كونهم استطاعوا أن يحفظوا خط الرجعة وبنوا قاعدة عريضة متينة من الصعب اختراقها.
سر آخر عجيب في نسيان من كانت لهم بالفعل آثار إيجابية من مسؤولين واصلوا الليل بالنهار وهم قلة، وحملوا ملفات صعبة استطاعوا أن يفكوا معضلاتها، وبقيت انجازاتهم معمولا بها في نفس الوقت يتم إنكارها أو التغاضي عنها.
نادرا ما يكون لمسؤولين سابقين قوى نافذة وهم لا يملكون المال الكافي، وإن لم يكن وافرا فهنالك أدوات أخرى تتضمن تحالفات اقتصادية وسياسية متشابكة حتى أنها تكون منظمة لدرجة الاعتقاد بأنها دولة متكاملة.
البعض يلجأ إلى التشويش وإطلاق الإشاعات لاحداث فوضى تدفع بأصحاب القرار إلى بناء صورة نمطية مزيفة تضفي لإقصاء فلان وعلان، أما آخرون فتبقى اتصالاتهم مستمرة لتمرير المعلومات من تحت الطاولة لاستخدامها في فتح قضايا أو مخالفات.
لذلك كانت قضايا مكافحة الفساد عشوائية في غالب الأحيان، وتجعل المرء يسأل: لماذا الآن وبهاذا التوقيت؟ تلك الظاهرة منتشرة في مؤسسات عدة وتحديدا في تلك التي تجني الأموال، ولها باع في تحصيل إيرادات الدولة.
استهداف بعضهم تُسخر له كل الإمكانات، ويمكن أن يعمل جيش من الاعلاميين على ذلك بالتعاون مع مصادر المعلومات، وأحيانا تكون مشفوعة بدلائل وقرائن تم الاحتفاظ بها في أوقات سابقة لإبرازها في الوقت المناسب.
ذلك هو حال الإدارة بشكل عام في بلادنا لسبب وحيد، وهو أن لا قانون مؤسسي يحكم العمل، وإن وجد لا يطبق بعدل، بل إن قوانين وتعليمات يتم تحضيرها لترسيخ مفهوم الاخفاق، والخاسرين من الأمر برمته من اجتهدوا وكانوا يعملون ضمن النزاهة الحقيقية ومع أو تعديل حكومي يصبحون في ملفات الأرشيف التي تختلط أوراقها ببعض كانت لشرفاء أو فاسدين.