أين تذهب عائدات الضرائب ؟

 
هذا السؤال يكاد يطرح يوميا , ففي أي بلد الإجابة معروفة وهي لتمويل الخدمات والبنية التحتية , لكن هل هي في الأردن كذلك ؟

نظرة واحدة إلى البنية التحتية , طرق وكهرباء ومياه وخدمات , يمكن معرفة مصير الإيرادات الضريبية , ونظرة واحدة إلى مستواها تصل بنا لذات الإجابة لكن ذلك كان قبل تفاقم العجز .
منذ وقت توقفت إيرادات الضرائب عن تمويل الخدمات ومشاريع البنية التحتية , وحلت في محلها القروض وإن كان في جزء لا يتجاوز ال50 % منها , فالضرائب تذهب لتغطية رواتب القطاع العام ونفقات الحكومة الجارية - التشغيلية – ويكفي أن نعرف أن تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية لا تتجاوز ال80 % بينما تتكفل القروض الموجهة للموازنة والضرائب الإضافية بتسكير الفرق .
مؤخرا قدمت الحكومة قانونا جديدا لضريبة الدخل يحظى بتأييد من صندوق النقد الدولي باعتباره أداة لتحقيق العدالة لكن الأمر لا يخلو من بعض التحفظات.
ينطوي القانون المقترح على زيادة النسب المفروضة على القطاعات أكبرها تلك التي تختص بالبنوك تحديدا وهو يفترض أن القطاعات الرابحة والنشطة هي الأولى بدفع الضرائب , بينما أبقى على إعفاءات الأفراد , وهو ما لم يتحمس له الصندوق الذي أبدى تحفظه حوله صراحة في آخر تقاريره .
البنوك تجد أنها ستصبح تحت المطرقة , وأن النسب الجديدة ستؤثر على نشاطها وخدماتها وأرباحها العائدة للمساهمين والنسبة العظمى منهم من غير الأردنيين وهو ما سيؤثر على الاستثمار بشكل مباشر وغير مباشر , لكن الحكومة ومعها كثير من المتحمسين يرون أن الخزينة أولى من المستثمرين بجزء من ربحية البنوك التي تورد إلى الخارج وبعملات صعبة وأن دور الوساطة الذي تمارسه المصارف لا يقدم أية قيمة مضافة .
ليست البنوك وحدها تحت مطرقة قانون الضرائب الجديدة فالقطاعات الصناعية وفي مقدمتها التعدين ستكون كذلك , وهي خلافا للبنوك كل إنتاجها ينطوي على قيم مضافة سواء بالنسبة للصادرات والتدفقات النقدية بالدولار وعملات أخرى , أو للعاملين فيها , وهي أولى بالإعفاءات حتى من الأفراد .
الصورة ذاتها تحدث في لبنان اليوم فالبنوك هناك أغلقت أبوابها احتجاجاً على اقتراحات نيابية بفرض ضرائب إضافية على فوائد الودائع المصرفية، واكتتابات المصارف بسندات الدولة ، لتغطية تكلفة زيادة على الرواتب للمعلمين والقطاع العام واعتبرت المقترح الضريبي عقابا للمؤسسات المصرفية التي برهنت عن مناعة في مواجهة التحدّيات السياسية والأمنية، الداخلية والخارجية، طوال عقود مضت .
في الأردن العلاقة بين الحكومة والبنوك حكيمة ومصلحية , مصلحية لأن الحكومة أحد أهم الزبائن وحكيمة لأن الحوار لم يتوقف , وعلى البنوك في الأردن تقديم أسباب أكثر إقناعا لإثبات وجهة نظرها .