ملحوظة حول لقاءات الملك بالمتقاعدين العسكريين

في إحدى لقاءات جلالة الملك المنزلية بكبار الضباط المتقاعدين، تلّقى احدهم وكزة مباشرة في خاصرته من كوع احد المجاورين له، تشير له بالسكوت عندما حاول ان يقول لجلالته شيء ما، وكان الضابط قد المح للحضور قبيل اللقاء الى انه سيتحدث أمام جلالته بصراحة ووضوح في السلبيات الوطنية دون مجاملة او نفاق ورياء، وللواكز وجهة نظر ظريفة فيما ذهب إليه ،وهي ان الحديث في السلبيات يعني نقد او انتقاد الأسلوب الملكي في إدارة شؤون البلاد ،الأمر الذي سوف يعكر صفو اللقاء ،ولأجل هذا لا حرج في تجاوز معايير الشفافية والإيضاح ، ويجب السكوت عن الكلام المباح .
مصيبة إذا كانت اللقاءات الملكية تجري على هذا النحو، وذهب جهد جلالته سدى ، ولو تم استطلاع آراء المتقاعدين بطرق وأساليب الاستطلاع الأخرى غير اللقاءات المباشرة لكانت النتيجة مختلفة إذن، ولاتضحت وجهات نظرهم ومواقفهم كما هي على طبيعتها ،ولتحققت الأهداف الملكية السامية.
يسعى جلالته لسماع ما يهدي الى الرشد ، وعرض القضايا الوطنية ومناقشتها على بساط احمدي ،لمعرفة الحقائق المجردة من الحضور مباشرة بالتصريح وليس بالتلميح ،والحياء في الحضرة الملكية يجب ان لا يحجب المصارحة، ولا يعني إخفاء الحقيقة والاكتفاء بالمديح والإطراء والثناء ،فهذه ثوابت في ديدن المتقاعدين وترديدها في كل لقاء لا يزيد جلالته إلا رهقا .
لا داعي لوكز المتقاعدين ،ولكل الوسائل الملجمة الأخرى التي تخشى الحرج من إزالة ختم الغشاوة ،فالمتقاعدون العسكريون لا همّ لهم الا تجنيب الوطن ما تتعرض له دول الإقليم التي تصلى شعوبها حروبا ذات لهب ،وبلغوا من السن والحصافة ما أهلهم لنيل الثقة الملكية لمشاورتهم والاستماع لآرائهم ،وبلغوا من الوعي ما يقيهم تجاوز قواعد الأدب والاحتشام، ويحول دون الإساءة او التلفظ أمام جلالته بما لا يليق.
الوكز والتصميت يخالف توجهات الملك بتفعيل دور ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﻤﺘﻘﺎﻋﺪﻳﻦ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﯿﻦ ،واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺧﺒﺮاﺗهم ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻤﺠﺎﻻت, وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺼﻒ واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻮطﻨﯿﺔ واﻻﻣﻦ واﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺬي ﻳﻨﻌﻢ ﺑﻪ اﻟﺸﻌﺐ اﻻردﻧﻲ, وﺿﺮورة ﻧﺒﺬ اﻟﻌﻨﻒ ﺑﺠﻤﯿﻊ أشكاله.