الأسد باق والأزمة مستمرة في سورية
في جلسة حوار مغلقة، طرح دبلوماسي غربي رفيع المستوى سؤالا، وترك للحضور التفكير في الجواب: إذا كانت الأولوية في سورية لمحاربة خطر الإرهاب، فهل مصلحة الدول المجاورة لسورية والدول الغربية وجود سلطة مركزية قوية في دمشق، أم كيانات منقسمة على نفسها في عموم البلاد؟
السؤال يأتي في سياق المناقشات الجارية في دوائر صنع القرار الأوروبي والأميركي، حول كيفية التصرف مع النظام السوري في حال ترشح بشار الأسد للانتخابات المقبلة وفاز فيها، وهو الأمر المؤكد.
لم تتوفر إجابات حاسمة بعد، لكنّ هناك شعورا بالمأزق. المرجح أن الدول الغربية لن تعترف بنتائج الانتخابات، خاصة الولايات المتحدة. غير أن تجاهل الواقع مع مرور الوقت يبدو موقفا عدميا في نظر دبلوماسيين غربيين.
خلال المرحلة المقبلة، تفكر الولايات المتحدة بدعم جماعات المعارضة المعتدلة بأسلحة خفيفة، يؤكد محللون أن الهدف منها إبقاء المعارضة واقفة على قدميها، وليس إسقاط النظام. وفي الوقت نفسه، تعزيز قدرة هذه المجموعات في مواجهة الجماعات المتطرفة؛ "داعش" و"النصرة".
لكن مأزق واشنطن وخصوم النظام السوري في المنطقة يظل قائما؛ كيف نتصرف في اليوم التالي لفوز الأسد في الانتخابات؟
لا يمكن، بالطبع، تخيل إجراء انتخابات حرة ونزيهة في سورية، بغياب المنافسة العادلة بين المرشحين، وانعدام آليات الرقابة الدولية؛ وفي ضوء الأوضاع الأمنية المتدهور في أرجاء سورية، وتعذر ممارسة ملايين السوريين اللاجئين لحقهم في الانتخاب.
كان يمكن للاستحقاق الرئاسي والانتخابات أن تكون حدثا بلا معنى أو قيمة لو أنها جرت في ظل ميزان قوى مختلف. لكن مع ميل الكفة لصالح النظام على الأرض، تغدو العملية الانتخابية وكأنها تتويج لانتصار ميداني من وجهة نظر النظام، لا يستطيع أشد المعارضين للنظام إنكارها.
وإذا ما تمكن النظام السوري من المحافظة على مكاسبه الميدانية وتوسيعها بعد الانتخابات، فإن ذلك يُكسب الانتخابات والرئيس المنتخب شرعية أكبر يصعب تجاهلها.
يعتقد بعض المقربين من أنظمة عربية وخليجية على وجه التحديد، أن قيادات تلك الدول قد تُراجع مواقفها بعد الانتخابات في سورية، وترضى بالأمر الواقع. يبدو مثل هذا الاعتقاد غريبا ومستبعدا، لكن في السياسة كل شيء ممكن.
في الغرب، المقاربات في العادة أكثر براغماتية. الأمر المؤكد أن الأسد لن ينال اعترافا غربيا بشرعيته، لكن ربما يحصل على تعاون أمني لمواجهة ما بات عدوا مشتركا للطرفين؛ الجماعات الإرهابية. وفي الميدان السياسي، قد تبدي بعض القوى الغربية مرونة أكبر إزاء العملية الانتقالية في سورية، وتقبل باستئناف مفاوضات جنيف من دون شروط مسبقة، وتحديدا الشرط المتعلق بمصير الأسد خلال المرحلة الانتقالية.
ميدانيا، لن يختلف الوضع كثيرا؛ جرت انتخابات أو لم تجر، فاز الأسد أو استمر في السلطة من دون انتخابات. الصراع في سورية اتخذ طابعا دمويا ومأساويا لا تلوح له نهاية. وسواء قبل الغرب بالأمر الواقع أم ظل على موقفه من النظام السوري، فإن الحقيقة الوحيدة هي أن الأسد باق، والحرب مستمرة في سورية.
فهد الخيطان - الغد