تقرير لجنة التخاصية وهـــــذه الملاحـــظـــــات

أخبار البلد - أحمد جميل شاكر

 


على مدار سنوات طويلة، كان موضوع التخاصية يحتل الأهمية القصوى لدى الشارع الأردني، والنخبة السياسية والاقتصادية على حد سواء، وأن عشرات الأسئلة التي كانت مطروحة عند المواطن لم تكن هناك أية إجابات حاسمة عليها، حتى جاء التوجيه الملكي بتشكيل لجنة من الخبراء المحليين والدوليين في مجال السياسات الاقتصادية والاجتماعية من ذوي الخبرة والنزاهة والمبادرة برئاسة الدكتور عمر الرزاز والتي أصدرت تقريرها قبل أيام في نحو خمسمئة صفحة مدعمة بالوثائق والملاحق الفنية، حيث وقفت هذه اللجنة على واقع سياسة الخصخصة على أساس الحقائق وليس الانطباعات أو الإشاعات وتم التعرف على نقاط الضعف والنجاح، بهدف إطلاع المواطنين على نتائجها بكل شفافية والاستفادة من الدروس وتضمينها في عملية رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية.
بداية لا بد لكل فئات المواطنين والمهتمين، أن يطلعوا على تفاصيل التقرير لأنه أشار بوضوح الى أن أهم مواطن الضعف في برنامج التخاصية في الأردن كان ضعف التواصل مع الرأي العام وتوضيح أهداف أي سياسة اقتصادية أو اجتماعية لها مساس بالثروة الوطنية حيث كانت لجنة التخاصية تعمل في معظم الأحيان في غرف مغلقة ولا تتواصل مع وسائل الإعلام والصحافة، في كل خطوة تتخذها.
التقرير الذي وضعته لجنة تقييم التخاصية يشير بدرجة عالية الى المصداقية، والحيادية، وعدم المحاباة أو تلميع بعض القرارات، لكنه قال إن هناك تجاوزات من الحكومات المتعاقبة حيث تم صرف أكثر من (150) مليون دينار في غير مجالاتها المنصوص عليها في قانون التخاصية والتي تقول إن هذه العوائد يجب أن تصرف على مشاريع ذات جدوى اقتصادية، وذات مردود وعائد للدولة، أو في تسديد جزء من المديونية.
برامج الخصخصة ليست بدعة أردنية، أو إقليمية لكنها توجه دولي عام، وليس العيب في هذه السياسة، لأن الخصخصة وسيلة وليست غاية بحد ذاتها، وأنه من المجحف أن نعد برنامج التخاصصية ككل بالنجاح أو الفشل، والأفضل أن نركز على أوجه النجاح أو الفشل في كل عملية على حدة، واستخلاص العبر منها، حيث اتسمت بعض العمليات بالشفافية والالتزام بالقوانين واتباع أفضل الممارسات بينما افتقرت عمليات أخرى الى أدنى معايير الشفافية أو شابتها مخالفات قانونية، أو تجاوزات للسلطة التقديرية لا تنسجم مع روح القانون.
لقد خلص التقرير الى سلسلة من التوصيات الواضحة والصريحة، وطالبت بضرورة الالتزام بأحكام الدستور والقوانين نصاً وروحاً، والتوازن بين السلطة المقيدة والسلطة التقديرية للحكومات دون أسراف في اللين، أوغلو في الشدة، وقال التقرير إن مكافحة الفساد بداية تطلب سد الثغرات التشريعية مستقبلا ومحاسبة الفاسدين وهذا يتطلب التحقق، والتحقيق، والمحاكمة والالتزام بمبدأ براءة المتهم حتى تثبت إدانته بحكم قطعي، وضرورة وجود قانون ينظم مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
لقد دعا التقرير الى ضرورة طرح العطاءات مستقبلاً عن طريق التنافس العادل، وتفادي التناقض المباشر، وأهمية تحقيق الأمن الوظيفي للعاملين في الشركات التي تمت خصخصتها، وما نتج عنه من تسريح وتقاعد للموظفين والعمال، والأهم من ذلك ضرورة متابعة مدى تنفيذ الشركات لإلتزاماتها بعد الخصخصة، ووضع معايير لاختبار ممثلي الحكومة في مجالس إدارات الشركات المملوكة بالكامل أو جزئياً، ومراقبة أدائهم، لا أن يكون الهدف تحقيق مصالح مادية وشخصية لهؤلاء الممثلين.
الحكومة ومجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني مطالبون الآن بدراسة متأنية لهذا التقرير إنصافاً للحقيقة وللتعرف على مواطن القوة والضعف.