البرنامج التلفزيوني «حوار مع كبار»: خريف إعلامي أم فقدان للبوصلة!

التلفزيون الأردني مؤسسة عامة مدعومة بضرائب المواطنين التي تمول البرامج والفعاليات والرسالة التي تضطلع بها هذه المؤسسة.
وبما أن هذه المؤسسة تشكل الواجهة الإعلامية للحكومة ونظرا لأن موازنة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ممولة من ضرائب المواطنين فإننا نعتقد بأن عملية اختيار البرامج والفقرات الإعلامية المختلفة ينبغي أن تخضع لإجراءات تفضي الى مخرجات منتقاة لنوعية وجودة ما يعرض على شاشة التلفزيون.
ما يعرض على الشاشة من مواد ترفيهية أو إخبارية أو تثقيفية أو غيرها مواد بالغة التأثير على عقول وأذواق المشاهدين ناهيك عن تأثير هذه المواد الإعلامية في صياغة الرأي العام وفي التنشئة السياسية والاجتماعية وتشكيل وبناء شخصيات الأجيال الصاعدة.
ضمن هذا السياق فقد دأب التلفزيون الأردني منذ فترة على بث برنامجه المعنون «حوار مع كبار نحن نعرف من نختار» وقد تابعت مع غيري من الأردنيين هذا البرنامج الذي تناوب على تقديمه عدد من الشخوص الإعلامية التي نحترمها. حوار مع كبار كم تساءلت من يحدد هؤلاء الكبار ومن هو الكبير؟ ومن الذي يختار؟ وما هي المعايير والمؤشرات التي يتم انتقاء الأشخاص الذين ينطبق عليهم هذه التسمية وهذا الوصف "الكبار»؟
إذا كنا نتحدث عن شخصيات دبلوماسية وسياسية مثل شخصية وزير الخارجية، فهل معيار الانتقاء يتعلق بالفتوحات الدبلوماسية التي أنجزها أم الانتصارات على الساحة الإقليمية والانضمام لمجلس التعاون الخليجي أو إنجازه المتعلق برئاسة الأردن لمجلس الأمن التي رفضها السعوديون، أم نزاهته وعدالته الادارية الاستثنائية في إدارة وزارة سيادية مهمة مثل وزارة الخارجية؟ ولا أعلم كيف يقوم برنامج حوار مع كبار باختيار عمرو موسى كشخصية كبيرة في الوقت الذي ختم هذا الشخص مهنته بأسوأ خاتمة حيث لوث كامل خدماته السابقة بانضمامه لركب الانقلاب في مصر وقد عرفنا مقدار نخوة عمرو موسى عندما رأينا أصالة وشهامة أردوغان في دافوس الذي قرع ووبخ الكيان الاسرائيلي ممثلا برئيسه بيريس في أعقاب حرب غزة.
لا نعلم كيف يختار القائمون على برنامج حوار مع كبار رجل الأعمال نجيب سايروس للقاء يمدد رجليه فيه متحدثا عن عظائم إنجازاته في الوقت الذي لم يتاح له ذلك عبر القنوات والشاشات في بلده مصر؟ لا أعلم لماذا لم يقم القائمون على هذا البرنامج والذين يدعون بأنهم يعرفون من يختارون لماذا لم يقوموا بمقابلة المستثمر الأردني الكبير السيد زياد المناصير الذي تجاوزت استثماراته في الأردن أكثر من مليار دينار؟ أليس المناصير من الكبار الذين ينبغي أن نحاورهم ونعتبرهم كبارا؟ لماذا لم يقم معدو هذا البرنامج بمقابلة المرحوم المجاهد حاكم الفايز قبل وفاته، فالمرحوم من أكبر المناضلين الذين صمدوا على المبدأ وأخلصوا للقيم القومية والوطنية ولم تلن له قناة ولم يساوم على ما آمن به من وحدة الأمة ورفض الهيمنة والخيانة.
لماذا لم يعتبر برنامج حوار مع كبار كثيرا من ابطال حرب الكرامة ممن ما زالوا على قيد الحياة من الكبار الذين يستحقون ان نحتفي بهم وبذاكرتهم وبتضحياتهم؟ لماذا يحجم القائمون على هذا البرنامج عن حوار علماء كبار أمثال الدكتور عبدالله عويدي العبادي، والمرحوم الدكتور عبدالكريم غرايبة، والطبيب النطاسي المهاجر عادل الطراونة، والمجاهد الكبير ليث الشبيلات، والكاتبة السيدة إحسان الفقيه، والكاتب صبر العضايلة، والمفكر فلاح أديهم بني صخر، والدكتور أحمد الشقران، والدكتور إسحاق الفرحان، والفقيه الدستوري الدكتور محمد الحموري، والدكتور عبدالرزاق بني هاني والسيد حسين الرواشدة؟
من المؤسف أن هذا البرنامج الذي يدعي بأنه مخصص للحوار مع كبار لم يجد كثيرا من الكبار في بلدنا الأردن ليذهب الى دول أخرى يبحث عن ضالته ليجد نجيب سايروس وربما يليه المستشار عدلي منصور ومحمد ابراهيم وفيفي عبده ونوال السعداوي وقد يتوج مقابلاته مع السيسي وبشار الأسد وحسني مبارك وزين العابدين بن علي؟ التلفزيون الأردني يتحمل وزر هذا البرنامج ومقدميه ومخرجيه الذي يؤشر بدون شك الى تخبط إعلامي وفقدان لبوصلة الإعلام في الأردن ولعلني أقول هنا وبكل أسف أن ذلك سيؤدي الى تقلص عدد مشاهدي التلفزيون الاردني ليصبح عددهم أقل من عدد العاملين في هذه المؤسسة التي نصرف عليها وعلى مكياج العاملين والعاملات فيها من جيوب مواطنينا.