القطاع العام وسيولة البنوك

أخبار البلد - محمد مثقال عصفور

 
 
 
ظاهرة باتت تسترعي انتباه المراقبين للشأن الاقتصادي ألا وهي ارتفاع حصة الحكومة والقطاع العام من حصة التسهيلات الائتمانية التي تقدمها البنوك التجارية حتى أن الأهمية النسبية للدين العام الداخلي تجاوزت بكثير الأهمية النسبية للدين العام الخارجي وان معدل نمو المديونية الداخلية أكثر تسارعاً من معدل نمو المديونية الخارجية، هذه الطاهرة بالمنظور الاقتصادي تعني أن الحكومة والقطاع العام عامة يزاحم القطاع الخاص على كعكة التسهيلات الائتمانية وان هذا النمط من المزاحمة وإن كان في النهاية يصنف كمنافسة إجمالية على حجم التسهيلات إلا انه يدفع بسعر الفائدة على الإقراض إلى الارتفاع أو على الأقل إلى عدم الهبوط وذلك باعتبار باعتبار أن التسهيلات الممنوحة للقطاع العام هي على درجة اقل كثيراً من المخاطر وبالتالي فان كلفة عنصر المخاطرة هنا تكاد تكون صفرا بينما هي ليست كذلك لدى التعامل مع القطاع الخاص.

إن الفلسفة الاقتصادية ابتداءَ لا تقر بأن يأخذ القطاع العام منحى منافسة القطاع الخاص، بل أن جوهر هذه الفلسفة هو أن يصار إلى صياغة معادلة للشراكة فيما بين القطاع العام والقطاع الخاص، وهذه الشراكة تتجسد أكثر ما تتجسد في تشريك المشاريع وفي الدخول في أعمال لها طابع القطاع العام ولكن إدارتها واستغلالها للقطاع الخاص كأن يتولى القطاع الخاص استثمار وتشغيل وإدارة البنى التحتية لفترة زمنية محدودة،وهذا النمط من التشريك بين القطاعين هو مهم جداً، وهو من المخارج الهامة لإيقاف تزايد استخدام القطاع العام للتسهيلات الائتمانية المتاحة، أضف إلى ذلك انه نظراً لحاجة الحكومة والقطاع العام إلى سيولة محلية فإن الحكومة معنية والحالة هذه أن تبادر إلى إيجاد مشاريع تنموية مدرة للدخل تكون بها قد رفعت من سوية الاستثمار وأوجدت مصادر دخل جديدة.
إن غاية الأمر أن تتراجع حدة استخدام القطاع العام للتسهيلات الائتمانية فإتاحة الأموال لاستثمار القطاع الخاص مجدٍ أكثر من استثمارات القطاع العام غير أنه لإيجاد المخارج الآنية لتخفيض منسوب الاقتراض المحلي للقطاع العام يمكن أن تكون أفكار بعض المشاريع الحكومية مقبولة عملياً فالأصل أن تنخفض نسبة تسرب التسهيلات الائتمانية إلى القطاع العام إلى ادني مستوياتها والأصل أن يتنافس القطاع الخاص في الحصول على هذه التسهيلات لا أن يزاحم القطاع العام القطاع الخاص عليها، إذ أن مثل هذا المشهد يمكن أن يصنف ضمن نماذج التدخل المعيق لحركة الأسواق و لقوى العرض والطلب وهو ما أصبح خلفنا كنمطية اقتصادية وكسياسة تنموية.