أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً..

هل يجب أن تضع الحكومة لنفسها ميثاق شرف لضبط سلوكها.. ألا يكفي القسم الذي أقسمه كل عضو في الحكومة أمام سيد البلاد ورئيس السلطات الثلاث، وهو القسم الذي حفظه الشعب الأردني عن ظهر قلب لكثرة ما شاهد على شاشة التلفاز من مراسم أداء أعضاء الحكومات المتعاقبة والمتغيرة على الدوام لهذا القسم (أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للملك وأن أحافظ على الدستور وأن أخدم الأمة وأقوم بالواجبات الموكولة إليّ بأمانة)..

إذا كان القسم المذكور، وهو شامل كامل، لا يستطيع ضبط ولاء الحكومة وانتمائها فهل يمكن لميثاق شرف أن يفعل ذلك..!!؟؟

نعتقد أنه من البديهي  أن تلتزم الحكومات بمقتضيات ما أقسمت عليه، وأن يلتزم كل عضو فيها بمباديء النزاهة والحياد واحترام الدستور والشعب والقانون، ولعل في مقدمة هذه المقتضيات المصداقية والشفافية والأمانة في العمل وفي القيام بالواجبات، ومعاملة الناس على أسس من العدالة والحياد وإعطاء الحقوق لأصحابها، ورفع الظلم والحيف عن المظلومين..

مواثيق شرف السلوك أصبحت موضة هذه الأيام، وانتشارها لا يدل على الشفافية بقدر ما يدل على الشكوك.. وإذا جاز لنا أن نبرر  للهيئات العامة والأجهزة العامة اللجوء إلى وضع قواعد شرف لسلوك موظفيها، مع أن التبرير غير مسوّغ، فإنه من الصعب تفهّم أن تلجأ الحكومات إلى وضع ميثاق شرف لسلوكها، لأن الأصل في الحكومة رئيساً وأعضاءً أن تكون ملتزمة بكل ما أقسمت عليه أمام الملك.. وهو قسم مغلّظ يتضمن كل معاني الانتماء والولاء للملك والأمة ودستور البلاد..!!

أدعو إلى نبذ أسلوب مواثيق السلوك، التي لا تعبر سوى عن الشكوك، وأن نعود إلى الأصل، الذي يٌُلزم الإنسان بقواعد الشرف والأمانة والإخلاص والولاء والموضوعية والوفاء، وفي الوقت ذاته يفرض عليه الصدع بالحق وعدم الإذعان للباطل، والاعتراف بالخطأ إن حصل والتراجع عنه بشجاعة..

وإذا كنا ندعو الحكومة وكل عضو فيها إلى الحفاظ على ما أقسمت عليه عند تكليفها، فإننا ندعوها بأن تكون شفّافة في التعامل مع قضايا الوطن والمواطن، فإذا رأت اعوجاجاً فيها اعترفت به وقوّمته، والوزير الذي لا يملك الشجاعة والشفافية الكاملة للاعتراف بالخطأ وتحمل المسؤولية عما يحصل في وزارته من أخطاء وربما خطايا بحق المواطن أو الوطن عليه أن يعتزل موقعه، ويذهب إلى بيته وفاءً لما أقسم عليه، فذلك خير له وأنفع..!!

نتكلم عن مواثيق شرف سلوكية كثيرة، نفتخر بأننا نصوغها ونوقع عليها، ثم لا تلبث أن تُركن على الرفوف.. وينساها الموقّعون، وينساها الجمهور..!!   أما دليل التوقيع الآثم فهو: غياب العدالة الاجتماعية بين الرعية..!! 

 

Subaihi_99@yahoo.com