هل بدأت المعركة مع المدارس الخاصة؟

أخبار البلد- مهند مبيضين
 

يبدو أن وزير التربية مصر على بلوغ أقصى درجات الممكن من الإصلاح والتنظيف في جهاز المؤسسة التربوية، من شوائب الزمن الماضي، ذلك أن الوزير مثله كمثل كل الاردنين، عاش التربية والتعليم بين زمنين، زمن كانت فيه الثانوية ومدارس الحكومة محترمة، وزمن أضحت فيه في اقل درجات الجودة وتراجع التعليم فيها وسقطت هيبة العلم والمعلم وصار الطلبة المتفوقون في مدارس الدولة عرضة لنهب المدارس الخاصة.
نعم، سرقت المدارس الخاصة جهد اساتذة اجلاء ومدارس حكومية بذلت الكثير على طلبتها، وكان كافيا ان تذهب المدارس الخاصة لتحصد قطاف السنين من المدارس الحكومية وتمنح هذا الطالب او تلك الطالبة مقاعد مجانية في صفوفها لكي ينتموا فيها إلى طبقة مخملية من المجتمع، وفي النهاية عند نتائج الثانوية تخرج علينا تلك المدارس بإعلانات في الصحف تقول فيها، إن هؤلاء الطلبة هم بضاعتها وخلاصة خبراتها.
صحيح ان التعميم كارثة، إذ هناك مدارس خاصة تعتمد على التفوق المتراكم في ابنائها وهي مدارس محترمة، ولها رسالة اجتماعية وتمنح الفقراء منحاً منذ الصفوف الاولى وحتى الثانوية، وهي مدارس ذات رسالة، لكن هذا لا يعني أن الفضيلة منتشرة إلى حد كبير، فالسواد الأعظم من التعليم الخاص دخلته التجارة ومعادلة الربح، الذي يلهث وراء المعدل والسمعة في امتحان الثانوية. نعم، بيع الطلبة المتفقون في المدارس الحكومية في سوق التعليم الخاص، إذ طغت النظرة الربحية حتى في الاستثمار في التفوق وفي الفقر، كي ترتب تلك المدارس نفسها بين قوائم التفوق، واي تفوق ذلك الذي يكون مصطنعا مسروقا لا ينتمي إلى اخلاقيات التربية والتعليم.
هنا كانت خطوة وزارة التربية ممثلة بإدارة التعليم الخاص في صميم الإصلاح التربوي، إذ انتهت إدارة التعليم الخاص من إعداد المسودة النهائية للنظام الجديد للمدارس الخاصة، ورفعته مؤخرا للجهات المعنية لإقراره، وفيه منع النظام انتقال اي طالب في المرحلة الثانوية (للصفين الحادي عشر والثاني عشر) من المدارس الحكومية الى «الخاصة».
والنظام سيساعد في تنظيم العمل بالمدارس الخاصة ويصنفها وفق معايير معتمدة، وسيسهم بالحفاظ على حقوق العاملين فيها، إذ إن كثيرا من المدارس لا تمنح العاملين بها حقوقا مالية وفق القانون والنظام. وفي المحافظات واحياء من عمان هناك تجاوز مفرط في حدود الاجور التي تنمح للعاملين فيها إلى حد أن بعض المدارس تمنح رواتب بمعدال 90 دينارا، ويتم توقيع المعلم على عقد يبين انه يتقاضى راتبا يساوي الحد الادنى من الاجور او يفوقه.
صحيح إن التعليم الخاص ليس كله في سلة واحده، لكن كثرته وانتشاره واختراقة لمنظومة التعليم العام قد جعلته سبببا في تراجع التعليم الحكومي، الذي يعاني ايضا من جوانب ضعف كثيرة تستدعي العلاج.
أخيرا، إجراءات الوزارة لن تطرب القطاع الخاص، والحفاظ على حقوق العاملين والتصنيف وفق معايير اعتماد دولية يجعل قطاع التعليم الخاص اكثر جودة، هو أمر واجب، كما أن تناسب الرسوم المدفوعة مع التعليم المقدم يجب ان يكون بينٌا وجليا، لكن مجمل هذه الاجراءات لن ترضي اصحاب المدارس والتجار في القطاع، لكنها ستفرح المدارس الملتزمة وذات الرسالة التربوية، والأصيلة في تجربتها والتي باتت تعاني -أيضا- من دخول كثير من اصحاب الاستثمار إلى قطاع التعليم دون اهداف سامية إلا الربح وجني الثروة، وهو ما يوجب بدء المعركة.