«الحركة الإسلامية» .. تهدئة في الشارع وحسم في انتخابات «المعلمين» و«الأردنية»
أخبار البلد - علي سعادة
ربما لم يشهد الأردن هجمة إعلامية داخلية بحجم الهجمة التي شنت ضد التيار الإسلامي، الإسلامي السياسي، الإخوان المسلمين،الحركة الإسلامية (سمه ما شئت) من قبل الحكومة ووسائل إعلامها، ومن قبل سياسيين(يناكفون أو يختلفون في الرؤية) ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك منذ بدء ما أطلق عليه "الربيع العربي".
ورصدت الزميلة الصحافية سوسن زايدة من "عمان نت" أكثر من 12 ألف كلمة نشرت في عدد واحد في أحدى الصحف الزميلة ضد "الإخوان المسلمين"، تفاوت بين الشتم الشخصي، التشكيك بالوطنية والخيانة، الاتهام بالعمالة، ضرب أمن واستقرار المملكة (...) وقائمة طويلة من التهم المعلبة والجاهزة للقذف في وجه أي معارض أو مخالف للحكومة.
وذهب بعض الإعلاميين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي( الفيسبوك وتويتر تحديدا) إلى التحريض ضد بعض قادة "الإخوان" بطريقة توقعهم ضمن الحق العشائري والقضائي أيضا.
ونفهم أن يختلف البعض مع التوجهات الإسلامية لأسباب عديدة ومفهومة ومشروعة، ونفهم أن يكتب البعض ضد توجهات "الإسلاميين" رافضين نهجهم ورؤيتهم وتشخيصهم لمشاكل الدولة، وأيضا أن يوجه نقد لاجتهادات" الجماعة"، ف"الجماعة" في النهاية ليست مقدسة ولا يأيتها الوحي ولا هي ناطقة بلسان الأردنيين جميعا.
ولكن غير المفهوم أن يقوم البعض بالمزايدة على مراجعهم" السياسية والحكومية"، ويبالغوا في النقد والهجوم إلى حد أوقعهم ضمن مقولة ملكيون أكثر من الملك" بمعنى الدفاع عن الفكرة أكثر مما يدافع صاحبها عنها.
وعلمتنا عشرات التجارب أن هؤلاء يضرون أكثر مما ينفعون، فالإخوان في الأردن جزء من المكون الاجتماعي قبل أن يكونوا جزءا من المكون السياسي، وهم كانوا دائما مصدر استقرار للنظام وللدولة الأردنية في المفاصل الرئيسية خصوصا في سنوات الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، كانوا السند الداخلي الرئيسي إلى جانب الجيش العربي والعشائر، حتى إن البعض كان يعيب عليهم ذلك.
وأحسنت الحكومة والأجهزة الأمنية(أحد مصادر المعلومات المحايدة التي تضع الملك أمام المشهد الحقيقي) صنعا عندما تركت الباب مواربا في انتخابات نقابة"المعلمين" وانتخابات طلبة الجامعة الأردنية، لقياس مدى صحة عبارة " تراجع الإسلاميين" كما ذهب الأستاذ فهد خيطان في مقاله التحليلي الذكي في الزميلة"الغد" أمس.
والواقع أن الضربات التي وجهت لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وبعض الدول العربية والهجمة الإعلامية المحلية عليهم، كانت نتائجها لصالح "الإخوان" الذين يبدو أنهم حصدوا تعاطفا شعبيا كبيرا سواء في الأردن أو في بعض الدول العربية.
ووفقا لمصدر إعلامي من قيادة الحركة فإن حجم الحركة الإسلامية في الأردن عبرت عنه بشكل أكثر دقة انتخابات الجامعة الأردنية، فهم يرون أن ثقلهم الشعبي يتراوح ما بين 35 % إلى 40 %، وهي النسبة التي حققوها في الأردنية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن انتخابات "المعلمين" تخضع لحسابات مختلفة.
وكما قال قيادي "إخواني" فقد سبق للحركة أن أبلغت وسيطا شبه رسمي قبل نحو عام بان الحركة الإسلامية لا تريد الاستئثار بأي نقابة أو مؤسسة، وبأن طموحها لا يتعدى ما بين 35 إلى 40 مقعدا في البرلمان.
وأكد المصدر "الإخواني" أن الحركة الإسلامية لا تريد استفزاز أو إقصاء أحد، وأنها منفتحة على كافة الاتجاهات والتيارات، وأنها تسعى للبحث عن شركاء في تحمل المسؤولية في النقابات والاتحادات الطلابية وفي الحراك الشعبي المطالب الإصلاح.
ويهمها أن تبعث برسائل تطمين للجميع بأن الحركة تبحث عن شركاء وليس عن منافسين ومناكفين، وترفض مغالاة البعض في نقدهم للحركة الإسلامية والذي يصل أحيانا إلى حد التحريض والإساءة الشخصية.
وأبدى القيادي ارتياح الحركة الإسلامية لتصريحات الملك الأخيرة حول الإخوان المسلمين، وقال إن مواقف الملك لا تخضع لردود أفعال أو استجابة لضغوطات خارجية، وأن رسالة الملك جاءت في وقتها.
واستبعد ما يشاع حول وجود تفاهمات مع الحكومة للتهدئة في الشارع على ضوء ضعف أعداد المشاركين في فعاليات الحراك الأخيرة، وقال إن الحركة الإسلامية هي مكون من مكونات الوطن وتتفهم حساسية العلاقات الأردنية مع الأشقاء العرب، والأوضاع المتوترة والمعقدة التي تمر بها المنطقة العربية، خصوصا ما يتعلق بسوريا وفلسطين ومصر، وبالتالي يهمها استقرار الأردن في المقام الأول بعيدا عن أية مناكفات أو تسجيل للمواقف ليس الآن وقته.
وأكد المصدر "الإخواني" أن لا حوار مباشر بين الحركة الإسلامية والحكومة، وأن أي حديث في هذا الشأن إذا وقع فهو عبر أطراف بعيدة جدا ولا يرقى إلى مستوى الحوار أو التفاهمات أو أي شيء من هذا القبيل.