شو رأيك نغلق كليات الطب في جامعاتنا؟

هذا العنوان مقتبس عن مقالة للدكتور الوهادنة ولكن بصورة مغايرة هو يريد فتح كلية طب وأنا أريد غلقها للتنوية فقط.
الهدف الأساس من تأسيس الجامعات هو سد حاجة البلاد من كوادر علمية متخصصة في كافة الحقول العلمية المختلفة ، وهذا ينطبق على دول العالم أجمع وليس على دوله دون سواها، وكما هو معروف أن إنشاء الجامعات وتأسيسها حالة مرهقة لأنها تحتاج إلى بنيه تحتية كبيرة وخدمات واسعة وهذا يحتاج لموارد مالية باهضة وكوادر علمية متخصصة ، والجامعات بطبيعتها لا تبقى على حالها بل تسعى باستمرار إلى التوسع والبناء والتطوير والتحديث بمنشأتها وكوادرها ومناهجها طبقاً لظروف الجامعة وامكانياتها إذا أرادت الجامعة ذلك.
والكليات الطبية واحدة من الكليات التي تعطيها إدارات الجامعات أهمية بالغة في كل شيء وخاصة توفير الكادر العلمي بمواصفات عالية ومختبرات حديثة الخ ، ومن المعروف ان الكليات الطبية في بلادنا تستقطب أعلى المعدلات في الثانوية العامة ، لذا زبون هذه الكليات هم نخبة البلاد المميزة وهذه الفئة من الطلبة مبدعه في كل شيء وتكاد علاماتهم تصل الى شبه الكامل فهي متفوقة في اللغة العربية واللغة الانجليزية والرياضات وعلوم الأرض والفيزياء الخ.... ، لذلك لاغرابة إذا وجدنا طبيباً شاعراً واعرف الكثير من هؤلاء ولاغرابه إذا وجدنا طبيباً يكتب لنا في كل صباح مقالة أدبية أو علمية أو تاريخية نستمتع بمحتوياتها.
نعود الى طلبة المعدلات العالية في الثانوية العامة النسبة العظمى من هؤلاء الطلبة إن لم يكن جميعهم يختارون الكليات الطبية لتكملة دراساتهم لما لهذا التخصص من مردودات مالية فلا للبعد الانساني اي اعتبار كما يقول البعض مبرراً دخوله كلية الطب ولا لبعد اللقب أي اعتبار ايضاً لأن كل الحقول العلمية الأخرى تمنح لقب الدكتوراه إذا أراد الطالب مواصلة الدراسة لكن المردود المالي أقل فالبعد الأساس لدراسة الطب هو الفلوس، حيث يسعى الأهل لتدريس أبنائهم المتفوقين الطب مهما كلفت الدراسة وهم احرار بذلك، فالطالب الموازي وهم النسبة الكبرى في كلياتنا الطبية يكلف أهله رسوماً فقط كي يتخرج طبيباً 130000 دولار اضافة إلى مصروفة وكتبة وتأميناته الخ.... التي لا تقل عن نصف المبلغ المشار إليه ، وحقيقة أن هذه النخبة تبذل جهوداً مميزة عن بقية الطلبة في الكليات الأخرى والكل منهم يسعى للحصول على أعلى العلامات فهو صراع علمي مشروع بين الطلبة ، وابداعاتهم لا تقتصر على الجانب النظري بل تمتد مهاراتهم الى الجوانب التطبيقية والسريرية ايضاً، وبعد التخرج ينتقلون لمرحلة جديدة وهي مرحلة ما تسمى بسنة الامتياز وكلها تطبيقات سريرية في المستشفيات يطبقون ما تعلموه خلال الدراسة الجامعية الاولى، وخلالها يبدأون بمراسلة الجامعات وتحديداً الامريكية لمواصلة الدراسة والتخصص طبقاً لرغباتهم ، وغالباً ما يتم قبولهم في الجامعات الامريكية بعد إجراء الامتحانات الخاصة بذلك وحقيقة ما سمعت يوماً آن واحداً من خريجي كلياتنا الطبية قد فشل بل كانوا مبدعين ومتفوقين على منْ معهم من دول آخرى فهم يتخصصون ويتقاضون راتباً شهرياً مقابل ذلك.
وبعد الانتهاء من هذه المرحلة وهذا هو المهم وحصولهم على التخصص يبدأ الخريج بتقديم طلبات للعمل في الجامعات والمستشفيات الامريكية لا بل تتسابق المستشفيات والجامعات على ابنائنا الذين تأسسوا في كلياتنا الطبية في الجامعات الاردنية ويقعون في مصيدة الاغراءات المادية ، ومنحهم ما يسمى لـ Green Card ، وبعد فترة بسيطة يحصل على الجنسية ويستوطن هناك ويبدأ بجر أهله وترحيلهم إلى احضانه وهذا ينطبق على النسبة العظمى من المبعوثين وغير المبعوثين من جامعاتنا ولديهم الاستعداد لاعادة ما صرف عليهم الى جامعاتنا في سيبل البقاء هناك لان الحياة كما يقولون أفضل من البقاء هنا في كل جوانب الحياة المختلفة ، لذلك أقول اننا نخرج المبدعين للمستشفيات والجامعات الامريكية وليس لجامعاتنا أو مستشفياتنا هذا الكلام ينطبق على كل من تخصص وسيتخصص في اميريكا هذه الحالة نشاهدها بأعيننا وليس سمعة من هنا وهناك ، فالنخبة المبدعة يعملون هناك وليس هنا ، وإذا مررت بمستشفياتنا ومراكزنا الصحية لوجدت 90% وربما أكثر من خريجي الدول العربية أو الاوروبية الذين لم يتمكنوا من الدخول في كلياتنا الطبية لسبب أو لآخر وهنا لا اقلل من قدراتهم العلمية والطبية لا بل نعتز ونفتخر بهم.
فالحياة في اميركا كما يقولون أفضل والفلوس التي يتقاضونها أفضل بكثير ، لذلك لا يمانع من البقاء هناك في بلاد الغربة ويصبح المواطن الامريكي هو المستفيد الأول من خدمات اطباءنا المبدعين ، يقول نقيب الاطباء الاسبق ان خريجي روسيا الذين يعملون في المستشفيات الاردنية ومراكزنا الصحية قرابة 5600 طبيب أضف الى ذلك خريجي الدول العربية والاوروبية الذي بالتأكيد يتجاوز هذا العدد ، وهل لدينا احصائيات تشير الى عدد خريجي كليات الطب في الجامعات الأردنية الذين تخصصوا في اميركا تحديداً وعادوا للعمل في الاردن ؟ بعد هذا شو رأيكم نغلق كليات الطب طالما مبدعنا يبقى هناك بعيداً عن الوطن وابنائه.