اسجل اعتذاري

شاء قلمي اليوم  كعادته  ان يتمرد علي ويجمع ماتساقط منه من احرف لم يكتبها فبدا بجمعها ليصوغ هذه المقاله بينما اغمضت جفني وسددت اذني حتى لايعرف أني اعرف  وحتى لااعتقد يوما ان قلمي اصبح اكثر مني معرفة وجراه فتعالوا نرى ماكتب

مدين انا  باعتذارٍ لكل الحيوانات ولجميع الوحوش التي في الغابات ولا استثني منهم العنقاء والغولات.. الأحياء منهم والأموات..
فمنذ الأزل إن صفة الوحشية قد لازمتهم جَوْراً في حين كان الخيال هو سيد الحكايات.. يرويها لنا الأجداد والجدات.. فأقنعونا حينها بأن الوحوش هي العدو الأول للإنسان وأخبرونا بأن لديهم صنوفاً من الوحشية متعددات.. فهم يأكلون البشر حين يجوعون وفوقهم الأطفال المشاغبين والمشاغبات.. وكل من يخالف منهم التعليمات.. وجَهِلَ الاجداد حينها أن هناك أصنافاً من البشر لا ترقى إلى مرتبة الحيوانات.

. ولهذا فقد سكن في خلدي بأن اليوم الذي سيأكلني فيه وحشُ لابد آت.. إلى أن غزت بيوتنا وعقولنا تلك المصيبات الجميلات.. اللائي يُعرفن اليوم بالفضائيات.. فتغيرت لدينا بعض القناعات..

وأصبح الفضاء مكتظاً بأقمار صناعية.. باتت تزاحم القمر في سمائه وتخفي خلفها جمال النجمات.. أصبح لكل فردٍ من الناس قمراً خاصاً به يؤنس له وحشة الامسيات.. فيطوّعه حسب أهوائه فيأتيه بالجدِ والهزلِ وبعض المنكرات.. فإن كان ذا عقلٍ راجحٍ آتاه القمر بنتاج العقول وإن كان غير ذلك فما أكثر الفزلكات.. احتارت الأقمار ما تأتينا به ونحن أيضاً حيرتنا الخيارات.

 نجلس في الغرفة كعائلةٍ معاً والأفكار منا عن بعضنا في شتات.. قد شد الرائي كل حواسنا إليه فمنا من يريد متابعة أحد الأفلام وآخر يريد أحد المسلسلات.. ولربما أردنا متابعة برنامج يَعدُنا بالحوار وإذا بالحوار يتحول إلى صفعات ولكمات.وجلد ذات

فمتى بالله عليكم نتقن لغة الحوارات؟...

 يطلعنا قمرنا على أحدث العلوم وبعض الفنون الراقيات.. وأيضاً نعلم بواسطته ما احدث الآخرون من اختراعات وابتكارات.. قد أحسن الغرب والشرق صنعها ونحن ما أحسنا إلا قول هات.. وها هي الشاشات تفاجئنا باننا خُدعنا حين صدقنا أن عصر العبودية قد ولى وفات.. وان أسواق النخاسة قد أُغلقت واصبحت ماضياً سيء الذكريات.. في حين أننا نرى الجواري الحسانِ يتبخترن بيننا وإن تغيرت العناوين والتسميات.

. وها هم الأطفال يُختطفون من اهلهم كالعبيد في زمن العبيد بغطاءٍ من بعض الحكومات.. وبرامج تأتينا الفضائيات بها والأجدر أن تدعى حينها بالفضائحيات.. فما همنا إن علمنا بأن أحد القذرين قد أرتبط بإحدى المنحرفات.. أو إن علمنا أن رجالاً تحتار بما تشير إليهم أآباء هم أم هن أمهات... قد طُبِّقَ شذوذ العلم عليهم فأنجبوا الصبيان والبنات.. أم تلك المسكينة التي أعلنوا موتها بجرعة زائدة من المخدرات.. وخلّفت خلفها يتيمةً ما عُرف أبوها «لكثرة عشاق أمها» إلا بعد فحص الجينات.

. عزائي لكم أيها المهتمون بها فقد ماتت فاتنة الفاتنات.. واعذروني إن لم استطع حزناً عليها ولا على موت كلب ثري ٍ مدللٍ قد فطس ومات.. لا تحسبوا أن لي قلباً قاسياً أو أن عيني قد استعصت على الدمعات.. لأن قلبي قد انخلع حزناً وألماً على بعض المشاهدات.. مع أن العالم كله كان قد رأى ما رأيت فما ألقى إليها بالاً ولا قابلها إلا بالصمت والسكات.

. بكيت حين رأيت أطفالاً مضرجين بدمائهم ما اتسعت لهم المستشفيات.. ولا وسعت أجسادَهم الأرض لكثرة الوفيات.. وغضبتُ حين أصمَ العالم المتحضر أذنيه عن تلك الصرخات.. التي صدرت عن أمرأة مسجونة من قبل الأعداء مع أبنائها وبعض العائلات.. في بيت سُدّت منه كل المنافذ استعداداً لضربهم بنيرانه الصاليات.. فما سكتت صرخاتهم إلا حين أدركهم الممات.. وقد ثارت حمِيّتي حين علمتُ بقدوم ديمقراطية الدبابات... ويا لها من ديمقراطية تبيد الشعوب وتطمس الحضارات.. ثم تسرق الثروات.. يبحثون عن اسلحة الدمار الشامل فكيف عموا في سماء غزة وبغداد عن رؤية انوارها المضيئات.. افتتحوا في بلاد الأحرار سجوناً تحت بند الحريات.. روادها من الأبطال يُعذبون بطرق تعجز عن وصفها الكلمات.. وفي خارج السجون سجونٌ لها طرائق في التعذيب همجيات.. فإن من ينجحوا من المذابح والنيران والدهس بالجرافات..

 يكون الموت بانتظاره عطشاً أو الإعدام بالبطون الجائعات.. كل هذا يحصل في بلادنا فلا منظمة حقوقية نطقت فأين تلك المنظمات؟.. وجمعيات العالم التي تدعي أنها ضد الظلم اتحدت ألا بئساً لتلك الجمعيات

. كلنا قد رأينا وحشية الإنسان ضد أخيه الإنسان التي لا تقارن بها وحشية الوحوش الكافرات.. أمّا إن ديست نملة في بلادنا أو تعثر أحدهم بحجر في أرضنا فإن ضمير العالم أجمع يهبُّ من سبات..وبوقاحة لا مثيل لها يوفدون إلينا ممثلي حكوماتهم السمراوات منهن والشقراوات.. يحملون إلينا الأوامر بالرضوخ وإلا فإنهم يطلقون التهديدات.. تارة بشكل وساطات وتارة بشكل مفاوضات..

 قد جهلوا أننا قومٌ تعودنا منذ وجدْنا المكرُمات.. فلا تهديدات تخيفنا ولا كثرة الإملاءات.. فليتكالبوا ما استطاعوا علينا فنحن لهم لا نخشى المواجهات.. مادمنا نحمل في صدورنا قلوباً نابضة وفي عروقنا دماءً جاريات..
أعزائي...
لقد رأينا غيضاً من فيضٍ أتتنا به البلورة السحرية فكشفت لنا حقائق كنّ خافيات.. فهل اقتنعتم مني بان الوحوش أرحم من بعض البشر في زماننا، وأن الإعتذار منهم قد أصبح واجباً علينا وعسى الله ان تقبل الكواسر منا الإعتذارات..

pressziad@yahoo.com