كنوز بن علي ... ومعاناة التوانسة

القصر الرئاسي في سيدي بو سعيد الذي تم تخصيصه لعائلة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي للاقامة فيه بعد ان اتخذ من قصر قرطاج مقرا رسميا له ... يشبه الى حد كبير احد قصور الف ليلة وليلة من حيث كميات الذهب والجواهر والنفائس التي يحتويها والتي بحاجة لعدد كبير من المختصين في علم الاحصاء وخبراء البنوك المركزية لاحصائها ومعرفة قيمتها !!!

وبعيدا عن الخيال الادبي فان القصر المشار اليه اشبه ما يكون باحد البنوك المركزية لكثرة الخزائن التي تحتوي على آلاف السبائك الذهبية والعملات الأجنبية علاوة على الحلي والمجوهرات والمصوغات النفيسة وقلائد الياقوت والمرجان وغيرها من التحف الذهبية التي صاغتها ايادي المهرة في لندن وباريس...

طبعا نفائس التحف والمصوغات كانت مخصصة للسيدة الأولى ليلى بن علي لتتزين بها وقت الحاجة او تهبها لمن تشاء ... اما الخزائن الملآى بالسبائك الذهبية فلا نعلم الغاية من وجودها في القصر ... لأن المكان الطبيعي الوحيد الذي يجب ان تتواجد فيه هو البنك المركزي الذي يحتفظ باحتياطي البلاد من الذهب لدعم اقتصادها والمحافظة على ميزان مدفوعاتها وتأمين احتياجاتها من المواد الضرورية التي تستورد من الخارج ...

والسؤال المطروح هو من اين جاءت هذه السبائك الذهبية التي تغص بها خزائن

 

قصر سيدي بو سعيد ... وهل تباع مثل هذه السبائك في الاسواق؟!! وهل اعتادت أسرة الرئيس بن علي ابتياعها ؟! وهل تملك عائلة الرئيس المخلوع الأموال الكافية لشراء اطنان من الذهب الذي ترتفع اسعاره لتطاول عنان السماء.

من الواضح ان قصر الذهب والمجوهرات والعملات الصعبة في سيدي بوسعيد ومحتوياته ملك الرئيس المخلوع واسرته وان محتوياته قد نهبت علنا من البنك المركزي ومن الصاغة  وتجار الذهب وهناك العديد من المتنفذين والمتنفعين من النظام كانوا يقدمون الهدايا الثمينة تزلفا للرئيس المخلوع واسرته ليحظوا بالمكانة التي تمكنهم من استغلال نفوذهم وتسخير مواقعهم لتحقيق مآربهم الشخصية ...

المفارقة العجيبة الغريبة في هذا المقام ان الرئيس المخلوع لم يتمكن من تهريب هذه النفائس الى خارج البلاد بعد ان داهمته ثورة الشعب التونسي وشلت تفكيره فاخذ يفكر في البقاء على رأس السلطة اولا والنجاة ثانيا ... وهداه تفكيره السقيم الى الهروب الى خارج تونس دون ان يتنحى من يمنصبه او يقدم استقالته ...

اما المفارقة لأكثر عجبا وغرابة فتتمثل بالصورة المتناقضة بين الشعب والقيادة حيث تعاني الغالبية الشعبية من الفقر والمرض وتدني الاحوال المعيشية في ضوء ارتفاع نسبة البطالة وعجز الالاف من الأسر عن توفير متطلبات العيش الكريم لابنائها ما دفع بهم الى البحث عن عمل خارج بلادهم حيث يعيش مليون تونسي في الشتات غالبيتهم في فرنسا فيما يسعى الالاف لتحسين اوضاعهم المعيشية من خلال الهجرة غير المشروعة بالزوارق عبر ايطاليا بما يهددهم بالموت غرقا في مياه البحر الابيض المتوسط او وقوعهم بايدي اجهزة الأمن وخفر السواحل الايطالية كما حدث مؤخرا حيث وقع ٥٠٠ شخص بايدي الشرطة الايطالية ...

ابناء تونس يتضورون جوعا ويعيشون على الطوى ويخاطرون يارواحهم للهجرة بحثا عن عمل لتأمين لقمة الخبز لابنائهم وذويهم فيما زين العابدين بن علي واسرته يتنعمون بحياة القصور وجني الذهب والمجوهرات والحلي والتحف ما يبرر الثورة الشعبية التي قام بها التوانسة ضد النظام حتى سقط ... رغم الدماء الزكية التي بذلوها رخيصة والتضحيات الجسيمة التي لم يبخلوا بها دفاعا عن كرامة تونس وشرف ابنائها !!!