معركة خاسرة مع حكومة محظوظة!

لن يكون يوم ثلاثاء تجديد الثقة بحكومة الدكتور عبدالله النسور يوما عاديا في تاريخ مجلس النواب الحالي، وسيكون له ما له في مقبل الأيام، على صعيد موقف الرأي العام، وربما أيضا رأي النخب السياسية، بمختلف مشاربها.
الثقة النيابية، بأغلبية 81 صوتا، لم تكن على خاطر الحكومة ورئيسها، تحديدا في هذه المرحلة، لكن "مصائب قوم عند قوم فوائد"، ويبدو أن مصيبتنا الوطنية باغتيال الشهيد رائد زعيتر، كانت، في جانب ما منها، فائدة للرئيس المحظوظ وحكومته! فيما يمكن القول إنه لن يكون هناك بواكي لمجلس النواب، الذي خرج من قصة الثقة ومطالبه التسعة، انتصارا لدم زعيتر، بخفي حنين.
لا يمكن للمراقب أن يقفز عن حقيقة أن معركة الثقة بالحكومة التي جرت تحت قبة النواب أول من أمس الثلاثاء، لم تكن معركة الحكومة والرئيس النسور، أو على الأقل لم تكن معركتهما وحدهما بصورة أساسية، وإلا ربما كانت المآلات مختلفة، ولاستطاع معارضو الحكومة من نواب جمع عدد أكبر من حاجبي الثقة. لكن المعركة كانت بالنسبة لمراكز القرار بحسب مراقبين، لها علاقة بقضية استراتيجية، هي معاهدة السلام والعلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة، وهي علاقات وقرارات لا تطبخ في مجلس النواب.
وإذا كان الانطباع أقوى من الحقائق أحيانا كثيرة، بحسب القاعدة الشهيرة، فإن معركة الثلاثاء الماضي، بغض النظر عن تفاصيل كثيرة، غرفت بنتائجها النهائية من ماعون الثقة الشعبية بقدرة مجلس النواب على فرض إرادته على الحكومة، وأظهرته بمظهر التابع الضعيف للحكومة، لا يستطيع الدفاع عن قناعاته ومواقفه التي بلورها، بإسناد شعبي وحزبي ونقابي، ضد جريمة إسرائيل باغتيال زعيتر.
المعركة كانت قاسية على النواب وصورة المجلس، إلى الحد الذي رأى معه متابعون أنه كان بالإمكان، على الأقل، السعي إلى رفع نسبة النواب الحاجبين للثقة عن الحكومة، حتى لو فازت بالثقة.
سيحتاج النواب لجهود كبيرة للدفاع عن صورة مجلسهم التي تعرضت لهزة زلزالية، نسبة لقضايا عديدة سابقة. ولن يكون سهلا عليهم إعادة ترميم هذه الصورة، خاصة بعد أن صعدت أسهم المجلس عاليا في الأسبوع الأخير ما قبل يوم التصويت، وتسجيله نقاطا شعبية واسعة في اشتباكه وتعامله مع قضية استشهاد القاضي زعيتر، قبل أن ترتد الأمور يوم التصويت، وتنقلب الصورة.
معركة الثلاثاء تحت القبة ستكون لها تداعيات سياسية عديدة، سواء على مستوى النواب أو الحكومة المحظوظة. أما المديات التي ستذهب إليها هذه التداعيات، فقد يكون من الصعب على المحلل اليوم تقديرها.