المحامي فيصل البطاينة يكتب :ماهية الإصلاح السياسي

أخبار البلد - بداية إن جميع القوانين الناظمة للحريات في الأردن تستند إلى  مواد محددة بالدستور الأردني مما يعني أن عملية التطوير لهذه القوانين تستوجب إعادة النظر في هذه المواد الدستورية و الإبتعاد عن ذلك يفسح المجال أمام بعض الإنتهازيين لأن يتوسعوا بموضوع المطالبة بالإصلاح السياسي و للمطالبة بأمور تتعلق بثوابتنا الأردنية التي هي مصدر أمننا و استقرارنا.

و عودة للموضوع فإن محور عملية الإصلاح السياسي هذه الأيام تتركز على تهيئة الأجواء من أجل إصدار قانون انتخاب يتلائم مع مفهوم الإصلاح السياسي بعرف الأردنيين ، قانون إنتخاب عصري يترتب عليه إفراز مجلس نيابي ممثل حقيقي لرغبات الناخبين . هذا المجلس يجب أن تهيء له الأجواء المناسبة التي تتيح له ممارسة دوره في الرقابة و التشريع و استعمال حقوقه بدون ضغط أو خوف من أي نص دستوري أو قانوني أو أي ضغط حكومي أو غير حكومي أو ضغط للكتل الإقتصادية .

و عودة إلى بعض المجالس التي مارست حقوقها بحرية و بدون الخضوع لتلك الضغوط حين حجبت الثقة عن الحكومة دفع أعضائها الثمن غالياً حيث لم يكملوا مدتهم الدستورية لأنهم حجبوا الثقة عن الحكومة و استعملوا حقهم الدستوري ليكافؤا بالحل سنداً للدستور .

و من أجل الحفاظ على حرية النواب في إبداء رأيهم باستمرار الحكومة أو عدمه لأسباب يروها منطقية فلا بد من تعديل المادة الدستورية التي تتيح حل المجلس النيابي قبل إكمال مدته الدستورية .

 بعد أن تُعدل هذه المادة الدستورية  تبدأ عندها عملية الإصلاح السياسي الحقيقية بإصدار قانون انتخاب عصري تجري على ضوئه الإنتخابات بشفافية كاملة و بدون تدخل رسمي حتى لو كان هذا التدخل محدوداً بإنجاح أو إسقاط نائب واحد من المائة و عشرين نائب شريطة أن يكون الإشراف الكامل على عملية الإنتخاب مناط بالقضاء الذي لا بد أن تطاله أيضاً عملية الإصلاح السياسي من خلال سن قانون حقيقي لاستقلاله يبعد عنه تغول السلطة التنفيذية التي تنسب تعيين و إعفاء قيادته لأن التغول من قبل السلطة التنفيذية على القضاء بحد ذاته خرق واضح لمبدأ فصل السلطات الذي اعتمده دستورنا الأردني ذاك الدستور الذي منح القضاة سلطة إصدار قراراتهم بإسم الملك لحماية القرارات من التلاعب أو التدخل أو التغول و القضاء المستقل هو الأقدر على كشف الفساد و ملاحقة الفاسدين و إدانتهم بقساوة ليكونوا عبرة لغيرهم ممن تسول له نفسه ممارسة هذه الآفه بعد الإفراج عن قانون من أين لك هذا المحفوظ بأدراج مجلس النواب منذ سنة 1980 عندها لسنا بحاجة لقانون إشهار الذمة المعمول به و الذي أعلن بالأمس رئيس مجلس النواب عن النية بتعديله من خلال إضافة مادة جديدة عليه تتضمن سؤال مشهر الذمة من أين لك هذا ، علماً بأن قانون إشهار الذمة لا يلزم من هو خارج الوظيفة بإشهار ذمته و كأننا نريد أن نقول للفاسدين الذين غادروا مناصبهم و هربوا هنيئاً لكم ما سلبتموه طالما أنكم لستم بالمواقع الوظيفية .

 

و خلاصة القول و حتى تتحقق عملية الإصلاح السياسي المرتبطة بالإصلاح الإقتصادي و بعد إدخال التعديلات الدستورية التي تتطلبها عمليات الإصلاح تلك و لترجمة الرغبة الملكية بالإصلاح السياسي الوارد بكتاب التكليف السامي لا بد من إعطاء الضمانات القانونية لكل الأجهزة الرقابية ابتداءً من السلطة القضائية و مروراً بالسلطة التشريعية و انتهاءً ببقية الدوائر الرقابية و الأمل معقود على أية حكومة تعمل على تحقيق رغبة القائد و الشعب أن تقوم بعملية الإصلاح السياسي بالقنوات الدستورية فتحقق رغبة الشعب الأردني الذي بنى دولته بسواعد النشامى الأردنيين و شيد استقلالها بجماجم شهدائه .

 حمى الله الأردن و الأردنيين و إن غداً لناظره قريب .