رئيس حديدي ونواب هتّيفة
فعلًا إنه رجل حديدي، ومحظوظ.. فمنذ تكليفه تشكيل الحكومة، انهالت اللكمات على رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، وفي أيام جلسات الثقة التي حصلت اكثر من مرة، وعلى اكثر من قضية، ينجح فيها دائما بدرجة مقبول، برغم اتساع الاصوات والتظاهرات للمطالبة برحيله، لكنه يأبى ولا يلتفت لشعارات الشارع.
من أكثر رؤساء الحكومات حديثا عن ضرورة حماية العمل البرلماني، وتعزيز التعاون مع مجلس النواب، لكن الاحداث تقوده دائما الى مواجهات مع البرلمان، يخرج في النهاية منتصرا، وحاملا ثقة جديدة.
يصفه خصومه "ثعلب" بالمعنى السياسي، و"داهية" في الاقناع والاصرار على توصيل افكاره، ويعرف كيف تقاد المعارك داخل مجلس الوزراء، وتحت قبة البرلمان.
حصل على ثقة البرلمان منذ العشاء في منزل النائب معتز ابو رمان، عندما حذر مستمعيه من النواب، من خيار إسقاط حكومته تحت قبة البرلمان الثلاثاء إذا "لم تستجب لطلب النواب بطرد السفير الإسرائيلي من عمان وسحب السفير الأردني من تل أبيب والإفراج عن الجندي أحمد الدقامسة".
كان واضحا في ان قرار حجب الثقة عن حكومته، بسبب قضية استشهاد القاضي رائد زعيتر سوف "يغضب اطرافا عديدة، ويعرض مصالح الوطن للخطر".
النواب فهموا الطابق جيدا، وعرفوا ان هناك "3 لاءات اردنية" لا يمكن تجاوزها، ولهذا صوتوا بكرم امس على الثقة الجديدة في حكومة النسور.
تعالوا لنقلب الصورة على الوجه الاخر، فقد خسر مجلس النواب ما تبقى له من مصداقية امام المواطنين، وظهر النواب على انهم غير قادرين على الالتزام بالتهديدات التي يطلقونها، وانهم مثل الذين يخرجون في تظاهرة، ولا يعرفون اهدافها، ولا القائمين عليها، فيهتفون مع الهتيفة، وفي اخر الامر، قد يعودون الى منازلهم مشيًا على الاقدام.
الان، لو تسمح التعديلات الدستورية بحل مجلس النواب، من دون ترحيل الحكومة التي يُحلّ المجلس في عهدها، بالله عليكم كم ستكون فرحة الاردنيين بذلك؟.
هل تعرفون شعبًا في الدنيا يفرح لحل مجالسه النيابية مثل الشعب الاردني؟!.
لنعترف بصراحة اكثر، ان المشكلة ليست في اعضاء مجلس النواب، او في بعضهم على الاقل، وانما في القانون المتخلف الذي يمنح الفرصة لاشخاص ليسوا على قدر المسؤولية لكي يتصدروا الاصوات في صناديق الانتخاب، وليس لاي اعتبار له علاقة بالكفاءة او الامكانات الذهنية والسياسية، وانما لاعتبارات جهوية ومالية وفساد يجري في العروق.