حتى «قرص أُذن» إسرائيل ممنوع

لا يوجد مصلحة إطلاقا ولا في أي وقت في "إضعاف" مؤسسة مجلس النواب وتحويلها إلى مجرد مؤسسة تلقى فيها الخطابات الاستعراضية فقط مع العمل بصورة مؤسسية على نزع الدسم دوما من الأداء والخطاب البرلماني.

لا مصلحة للحكومة ولا للوطن ولا للنظام والدولة والملك ببقاء مجلس النواب ضعيفا غير قادر على المناورة والمبادرة، يتخذ قرارات لا يستطيع فرضها ولا تؤخذ بالحسبان ويمكن إسقاطها او تجاهلها دوما وبكل اللغات وبعدة طرق.

كان يمكن في التعاطي مع واقعة الجريمة الإسرائيلية التي إستهدفت جميع الأردنيين بقتل الشهيد رائد زعيتر منح كرامة الشعب الأردني ومؤسساته شيئا بسيطا في مقابل الإستكبار الصهيوني والحالة الضعيفة التي ظهرت فيها مؤسساتنا الرسمية والبرلمانية.

كان يمكن إظهار جدية أكبر في التعاطي مع المسألة على الأقل في نشر نتائج التحقيقات المشتركة التي تحدث عنها رئيس الوزراء تحت قبة البرلمان.

نعرف ان الشارع الأردني لا يثق بمجلس النواب ولا حتى بالانتخابات النيابية التي جرت آخر 20 عاما.. نعرف ذلك؛ لكن في المجلس الحالي شخصيات محترمة ووازنة لا ينقصها الذكاء ولا التصرف بمسؤولية ولا الولاء والانتماء كان، يمكن الاتفاق معها على مخرج ما لأزمة طرح الثقة بالحكومة بدلا من القبول بقواعد لعبة لا معنى لها تستند إلى ذهنية الفهلوة، وكأن الشعب الأردني لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم.

يقبل الأخوة النواب بالتجاهلات التي تتعرض لها قراراتهم وتوصياتهم خصوصا تجاه العدو الصهيوني لأسباب نعرفها جميعا، ولا مبرر لذكرها الآن، لكن؛ لا مصلحة لهم ولا لنا ولا لأية جهة في التراجع عن جلسة الثلاثاء المقررة لمناقشة ملف الشهيد زعيتر على هذا النحو المخجل وبهذه الطريقة البائسة وعبر الرهان على الثقب المستوطن في ذاكرة الشعب الأردني.

من يروجون لقواعد لعبة من هذا النوع من طرف النواب أو حتى الحكومة يسيئون لأنفسهم وللأردن أيضا.

في كنيست العدو الذي نكرسه شريكا في السلام الدافئ يتم إبتزاز الأردن قيادة وشعبا في كل يوم.. في الكنيست يتحدث القوم مرارا وتكرارا عن وطن بديل وأحيانا عن "نظام بديل" ويحاولون العبث في كل المعادلات المحرمة التي تشكل صورة الرعاية الهاشمية للمسجد الأقصى.

ما هي الحكمة في استنفار الحكومة والدولة لمنع نواب الأردن من "قرص أُذن" إسرائيل في قضية تتعلق بإعتداء واضح وصلف ووقاحة على كرامة الشعب الأردني؟.

الحكومة لديها حسابات وكذلك الدولة وهي حسابات لا تسمح بقرصة الأُذن تلك، فليسمح بها لنواب الشعب، ليس من باب تصفية الحسابات مع العدو، بل من باب تحصين الأردن مؤسساتيا، والموافقة على عبور ولو جزء من "الهيبة" لمؤسسات المملكة.