بـلاغ علنـي إلى النائـب العـام
لا يحتمل الديالوغ السياسي الذي شاهدناه في خطاب الرئيس عباس مع اللجنة المركزية لحركة فتح ورد عضو المجلس التشريعي محمد دحلان عليه في قناة دريم الثانية , الا مضمونا واحدا او رسالة واحدة مفادها لا وحدة لحركة فتح ولا مصالحة بين الرجلين , بعد أن استنفدا كل أدوات الصراع الكلامي الممكن والمتاح , فالمسؤول الأول في حركة فتح لم يبقِ تهمة الا وقالها بحق دحلان والأخير رد الصاع صاعين فكانت النتيجة على غرار نتائج مباريات المصارعة الرومانية التي طالما ما انتهت الى خسارة الطرفين , نتيجة استخدام مصارع حركة خاطئة استقبلها الخصم بطريقة خاطئة ايضا فانتهى العَدُّ ولم يقم اي واحد منهما .
الخاسر الأكبر من تراشق الاتهامات والرد عليها كان حركة فتح , التي ابهرت الجميع بحجم التناقضات وحجم التهم وحجم الفساد المالي والحرَكي من خلال ما اظهرته اقوال الرجلين في الديالوغ الثنائي , فرئيس فتح تحدث بغياب دحلان والأخير رد على فضائية مصرية بغياب عباس وكلاهما وصف الآخر بما وصفه دون زيادة او نقصان , فكل التهم التي اوردها عباس بحق دحلان ردّها دحلان عليه مما يعني ان الحدث او الفعل قد وقع نتظر معرفة الفاعل .
فهناك مبالغ طائلة هُدرت أو اختُلست وهناك ضحايا تم اغتيالهم بأيد فلسطينية وزعيم تاريخي قضى شهيدا بالسم الإسرائيلي على يد وسيط فلسطيني , ايضا هناك انقسام عامودي في الحركة وافقي على مستوى الارض في غزة ما سهل لإسرائيل قضم الضفة وتظهير غزة كإقليم مستقل ابتعد بحسناته وسيئاته عن اسرائيل وبات مشغولا بهموم الجوار المصري وأوهام الاستقلال عن السلطة .
الرجلان قدَّما الكثير من الوثائق والاتهامات بما يكفي لانشغال دائرة الادعاء العام والمحاكم الثورية في منظمة التحرير الفلسطينية لأعوام قادمة , واذا لم تُسرع منظمة التحرير بالتحقيق وامتلكت الفصائل المنضوية تحت راية المنظمة الارادة للتحقيق بما قاله الرجلان فإن العالم بأسره وليس الفلسطينيون والعرب سيغسلون يدهم من المنظمة والقضية ولن يصل قرش الى الفلسطينين إلا ذلك القرش المغموس بالسحت وتكريس الانقسام وتكفين القضية , فالصراع الآن محموم على شراء المخيمات تحت ذرائع معونات اجتماعية او تأبيد السلطة بشكلها المُقزّم حاليا والخالي من دسم يوفر امكانية تفاوض او تحرير .
ما قاله عباس ورد عليه دحلان هو بيان على الهواء مباشرة ولا يحتمل لُبسا بأن جرائم بحق الشعب الفلسطيني قد وقعت بأيدٍ فلسطينية , وان السوس الناخر في الحركة الأم للثورة الفلسطينية وللحاضنة الأم للقضية الفلسطينية وممثلها الشرعي والوحيد هو السبب الاول قبل الاحتلال الصهيوني في تأخير مسار التقدم الفلسطيني وانجاز المشروع الوطني الفلسطيني وتأصيل الانقلاب في غزة ودعمه بكل الأدوات والوسائل ليكون خاتمة القضية الفلسطينية وحامل معول هدمها .
لا أظن فلسطينيا واحدا أو قوميا واحدا او مناضلا انسانيا واحدا لم يشعر بالمهانة وهو يستمع للاتهامات والردود التي عكست الاتهامات فقط ولم تنفها , بمعنى ان السوس وصل الى اغتيال عرفات -رحمه الله- واغتيال قادة عظام ومناضلين بسطاء وشرفاء وهدر مليارات على نزوات وسرقة اموال شهداء وارامل وايتام , وان كل المال الذي دخل صناديق منظمة التحرير قد هُدر وسرق ولم يصل الى الشعب الفلسطيني الا النزر اليسير , فماذا تنتظر منظمة التحرير وماذا تنتظر محاكم الحركة وماذا ينتظر الادعاء العام والقضاء الفلسطينيين , الا المباشرة في التحقيق ومحاكمة الفاسدين وتوقيع العقوبة الثورية اللازمة بحق من تطاول على مال الثورة ومن تطاول على ارواح المناضلين ؟
فلسطين تنتظر والعالم ينتظر أن تسترد القضية الفلسطينية روحها وأن تبدأ بإزالة الدرن والورم من جسدها قبل ان تنتقل لإزالة الورم الإسرائيلي فالجسد العليل لا يستطيع المقاومة وما سمعناه على الهواء مباشرة ليس درنا بل سرطانا خبيثا ينهش جسدنا الوطني ليل نهار ويمنح إسرائيل كل المناعة ويجب ألا يطول انتظارنا.