القسطرة (شبكةٌ لم تخلق للصيد)




تدعى وتلقب وتسمى طبياً بأنها (شبكية) ، إذاً يمكن للدم المرور من خلالها،هنا تبدأ الحكاية وهنا تنتهي.

لا علم لي بما جرى، لكن... إلى كل من كان يرغب بالتنزه على شواطئنا الزرقاء وإلى كل من ذهب بعيداً ليصطاد قلباً منذ مهده إلى لحده كان وسيبقى بريئاً.

أزف فرحاً لهم بأنه لا زال ينبض... لن يستثني أحداً من عشقه ولن يكون يوماً كما كان.

فقد كان مباحاً ولونه كما هو، واليوم هو نصف مباحٍ ولونه أحمر...لأنه هكذا خلق وسيبقى.

أنا لا ألوم مقص الطبيب.. ولكني أتألم وأصف نفسي بالعليل، فكلانا يبحث عن النجاة، فهو ماهرٌ بإيصال الدم إلى قلبٍ قد أدمي، وأنا ماهرٌ بإيصال الفرح إلى من ينتظرني بفارغ الصبر.

عندما انتهت طقوس الإدخال...وأدى الجموع حولي مهامهم،اشتاقت نفسي إلى النوم،ولكن كيف؟

فأنا لا أنام أبداً.. وأنا أحمل هم وطنٍ بأكمله.ليس لأني جزء،بل لأني الكل.

أنا عشتُ صراعَ عشقٍ إما أن يستمر وإما أن يُقتل،فليس من أسلحةٍ للمواجهة تساعدني على البقاء حياً سوى أني إنسانٌ أملك (شرياناً) غريباً،فدَمِي يمرح ويتنزه من خلاله بلطف ويبوح بلطف ... وينظر أيضاً إليها بلطف. فهل ما ذكر يكفي؟..أنا لا أرغب بأن يكفي. ولا أسلحة لدي لكي أستمر بنزف الشوق معها أكثر... فسلاحي رفيعٌ كما هو الشريان،وقويٌ كما هو السهم،فسهم عاشقٍ لا يفرق كثيراً بالحدة والرغبةِ عن سهم طرزان الغابة،الذي يعشق عشاءً ينزف دماً حاراً للتو بعد جهدٍ ومتابعة...فكلانا – كما سبق وقلت – يبحث عن النجاة...هو يرمي لكي يأكل،وأنا أرمي لكي يكتمل عشقي.

هنا خلقت أؤمن بالقدر أولاً ولكي تنزف عيني وقلبي (والتاجي).ألم نقرأ بأن العين تزني قبل الجسد!

إذاً.. تقدم يا صاحب الطب وأكمل...فقد اغتصب شرياني التاجي منذ المرةِ الأولى وخرج من القلب.

هو قلبي أنا وأنا أعرفه أكثر منك، فقد خلق للحنان ولم يجد أحداً الدرب إليه.

كان ينبض بعنفٍ قاهر، وكانت نزهةُ صاحبه لا تكتمل إلا عندما يطوف حول البركان وكأنه الكعبة.

وكان ينتظر دوماً لكي يحرك أصابعاً فطرت لكي تكتب،لأنه كان ينتظر دوماً بصمت وبصبر أيضاً،فأن تصنع تاجاً من (شرياني) ليوضع فوق رأسها،لابد أن تكون حافي القدمين،وجميل اليدين،وأن تكون قد خلقت بأصابع أقرب بجمالها من أطراف النهدين،وأن تكون لا تعرف للجلوس طعماً ولا للسكون لوناً... وعندما يقترب خاطر النوم من عينيك تأتي بها هي فقط لتكمل هذا المشوار.

إذاً..ما دام كل ما أعيشه قد حُرِّم، فلماذا لا أعشق إذاً ؟...(هنا تنتهي الحكاية).

"لمن يسأل"...فقد زارني الألم فجراً، وكانت إلى جانبي تنظر وتتألم... تدعو وتطلب مني بأن أتوضأ قبل أن أخرج...فقلت عندما تُعيرُ للفجر خدّك وتسمح لكأس الماء بأن يبدأ برشفك،هنا سوف أسمح لنفسي بأن أتوضأ.

أنا لا أستحم لكي أبدأ مع قلبي عمليةً قد تكون قاتله، لأني أنظر إلى عينيك وهذا يكفي.

وأدعوك رجاءاً قبل أن تفارق أصابع يداي أطراف قدميك،بأن تتوسلي (للتاجي) بأن ينبض فقد كنا سوياً نصارع ألماً وشوقاً قاتلاً إلى حد المــــــــــــوت،فليس ألمي موتاً بقدر ما هو شوق... فأهلاً بكِ وأنتِ لا تفارقي...تقدمي أكثر...فشوق القدوم والألم هو راحتي.

واعلمي جيداً بأنه قد زاد عدد الشبكات إلى ثلاث،وعند الشبكة المئة سوف نلتقي ...

في الجنة.



(عادل العساف)