یفترض الإصلاح السیاسي أن الأنموذج الدیمقراطي الأردني بحاجة إلى إجراءات عمیقة وتشریعات ناظمة جدیدة .وتعدیلات دستوریة جذریة لیصبح ھذا الأنموذج قادراً على العمل بفاعلیة وكفاءة وتفترض التنمیة السیاسیة أن الأنموذج الدیمقراطي الحالي المنبثق عن الدستور الأردني ھو بناء صلب ومتین إنما یحتاج إلى مجموعة من الإجراءات والتعدیلات القانونیة التي تھدف إلى تطویر ھذا البناء من خلال تحسین أداء مؤسساتھ وتوضیح العلاقة بینھا وترسیخ مبدأ الفصل بین السلطات وتوضیح مفھوم الولایة العامة وتجوید آلیات .العمل اللازمة لزیادة فاعلیة ھذا الأنموذج وكفاءتھ أنا من أصحاب الرأي الذي لا یرى ضرورة للإصلاح السیاسي بالمفھوم أعلاه لأن البنیة الأساسیة للأنموذج .الدیمقراطي الأردني صلبة ومتینة ولیست بحاجة إلى تعدیلات جوھریة وللتذكیر، فقد توافق الأردنیون على الأوراق النقاشیة الملكیة التي حددت بوضوح الأنموذج الدیمقراطي الأردني ّ المبني على الدستور وحددت مكوناتھ وبینت بالتفصیل المطلوب من كل مكون للسیر بخطوات ثابتة نحو تمتین ھذا الأنموذج وتحسین أدائھ. كل ھذا في سبیل الوصول إلى الأفضل في كل مرحلة من مراحل تطویر ونماء البنیة الدیمقراطیة في الأردن. وأذكر أیضاً أن الأوراق النقاشیة الملكیة طرحت بشكل واضح الرؤیة التي یجب على مكوناتھ العمل للارتقاء بأدائھا لتحقیق ھذه الرؤیة. وعددت الأوراق النقاشیة مكونات الأنموذج الدیمقراطي الأردني بمؤسسة العرش، والسلطة التنفیذیة، والسلطة التشریعیة بشقیّھا (الأعیان والنواب)، والمواطن، والأحزاب .ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام والتنمیة تعني بالضرورة السیر بخطوات ثابتة متدرجة ومدروسة للوصول إلى الأھداف المرجوة، إذ لا یمكن تطویر الأنموذج الدیمقراطي الأردني بقرار أو تشریع إلا إذا صاحب ھذه القرارات والتشریعات خطوات عملیة لبناء ثقافة دیمقراطیة مجتمعیة یستطیع غالبیة المواطنین من المشاركة الفاعلة للاستفادة الفضلى من مخرجات ھذا .الأنموذج والتي یجب أن تصب دائماً في تحقیق الأھداف الوطنیة في التنمیة والنماء تحقیقاً للمصلحة الوطنیة العلیا والتنمیة السیاسیة بھذا المفھوم ھي عملیة نھضویة تشمل جمیع مناحي الحیاة: الاجتماعیة والاقتصادیة والثقافیة، وتستوجب العمل المنسق في جمیع ھذه المجالات ضمن خطة وطنیة واضحة الأھداف وبرامج تنفیذیة تعمل .مكونات الأنموذج الدیمقراطي على وضعھا حیز التنفیذ في أطر زمنیة تعكس واقع الحال لكل مرحلة فالتنمیة السیاسیة لیست عملیة سھلة، ترتبط اساساً بقبول التنوع والاختلاف بالرأي والایمان العمیق بأنھا عملیة تراكمیة تحتاج إلى مراجعة متكررة وتعتمد في ذلك على احترام الرأي الآخر، المساواة بین أبناء الوطن، المواطنة .«التي «لا تكتمل إلا بممارسة واجب المساءلة وتترسخ التنمیة السیاسیة في كل مرحلة إلى المدى الذي یشعر بھا المواطن أن مخرجات ھذا الأنموذج الدیمقراطي ْم المجتمعي وتحسن تعالج مشاكل الوطن مثل الفقر والبطالة، وتحسین خدمات الصحة والتعلیم والنقل، وتوفر السل .نوعیة حیاة المواطنین وترفع من مستوى معیشتھم في مسیرة جلالة الملك المباركة منذ تولیھ العرش عام 1999 أكد جلالة الملك في أوراقھ النقاشیة وفي العدید من :المناسبات الأخرى على تطلعھ نحو الآتي تأكید دور الملكیة الھاشمیة بوصفھا ضامناً للدستور، والدفاع عن الحقوق الوطنیة، والسیادة، والعدالة – 1 الاجتماعیة، وصیانة حقوق فئات الشعب، والدیمقراطیة ومنع انحرافھا وحل الاستعصاءات السیاسیة التي تنشأ من . ّجراء الممارسات الدیمقراطیة .بناء أردن دیمقراطي بصورة متدرجة یأخذ بالاعتبار الواقع الثقافي والاقتصادي والاجتماعي – 2 الإصلاح السیاسي والتنمیة السیاسیة - صحیفة الرأي 2020/24/11 alrai.com/article/10563777/السیاسیة-والتنمیة-السیاسي-الاصلاح/كتاب 2/3 .تشجیع المواطن على المشاركة الفعالة والقیام بأدوار المتابعة والمساءلة لمندوبیھم – 3 .التوجھ نحو قیام حكومات برلمانیة – 4 .تعزیز القضاء وتقویة دوره في الحیاة السیاسیة الوطنیة – 5 .حریة الرأي والتعبیر والابتعاد عن الأخبار الكاذبة والتشھیر – 6 .تعزیز الجھاز الإداري – 7 .تعزیز دور القوات المسلحة والأجھزة الأمنیة ودعمھا في الحفاظ على أمن الوطن – 8 .تطویر اللامركزیة كمرحلة مھمة في تطویر مفھوم وممارسات المشاركة الشعبیة في صنع القرار – 9 وأجزم أن الأردنیین جمیعھم یتفقون مع تطلعات جلالة الملك ھذه. ولكن ھل تقوم السلطة التنفیذیة والسلطة التشریعیة والمواطن ومكونات الأنموذج الدیمقراطي الأردني بدورھا في الوصول إلى ھذه الأھداف؟ وھل لدینا خطة وطنیة واضحة وبرامج تنفیذیة لتحقیق ھذه التطلعات على مراحل؟ وھل تقوم مؤسساتنا بمراجعة أدائھا .باستمرار بھدف تحسین ھذا الاداء؟ وھناك أسئلة أخرى عدیدة ولكن أكتفي ھنا بھذا القدر نحن الیوم على أبواب بدء عمل مجلس الأمة الذي یشكل العامود الفقري للأنموذج الدیمقراطي، وأطرح ھنا بعض :الأفكار التي أرى انھا ضرورة للارتقاء بأداء الأنموذج الدیمقراطي أولاً - مراجعة واقع حال المرحلة من حیث أداء السلطة التنفیذیة والتشریعیة ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب .والإعلام .ثانیاً - توضیح العلاقة بین السلطة التشریعیة والتنفیذیة من منطلق مبدأ الفصل بین السلطات .ثالثاً - توضیح مفھوم حصانة أعضاء مجلس الأمة .رابعاً - توضیح الدور الرقابي لمجلس الأمة ولغایات توضیح ما ورد في النقاط الأربع أعلاه أسوق المثل الأول المتعلق بالفصل بین السلطة التشریعیة والسلطة :التنفیذیة وعلاقتھما ببعضھا البعض أعطى الدستور الحق لمجلسي الأعیان والنواب باقرار نظامیھما الداخلیین ورفعھما إلى جلالة الملك للمصادقة علیھما دون العودة إلى مجلس الوزراء، وذلك ضماناً لاستقلالیة المجلسین، وعدم تدخل أیة سلطة باسلوب عمل الأخرى. فإذا كان مبدأ استقلالیة المجلسین من الأھمیة للتأكید علیھ في الدستور، وإذا كان نظام كل من المجلسین شأن خاص بالمجلس ذاتھ، فھل تطبیق نظام الخدمة المدنیة على أي من المجلسین یؤثر سلباً على مبدأ الفصل بین السلطات؟ واذا كان تطبیق النظام لا یؤثر سلباً على ھذا المبدأ، فھل یجوز لمجلس الوزراء أن یتدخل في الجوانب الإداریة المتعلقة بالمجلسین من خلال مواد نظام الخدمة المدنیة؟ أعتقد أن الإجابة على مثل ھذین السؤالین یجب أن .تتم من قبل المحكمة الدستوریة لا أن یترك الأمر لتفسیر أي من السلطتین وفي الوقت ذاتھ اعطى الدستور الحق للحكومة بإصدار نظام الخدمة المدنیة بالاستناد للمادة 120 منھ. فھل یجیز مبدأ الفصل بین السلطات للنائب أو العین التدخل في القرارات المتعلقة بما ورد في نظام الخدمة المدنیة من تعیینات، وأسلوب التعیین وسلم الرواتب والمسمیّات الوظیفیة...إلخ، عن طریق السؤال او الاستجواب. وھنا أیضا الإصلاح السیاسي والتنمیة السیاسیة - صحیفة الرأي 2020/24/11 alrai.com/article/10563777/السیاسیة-والتنمیة-السیاسي-الاصلاح/كتاب 3/3 .یجب سؤال المحكمة الدستوریة صاحبة الاختصاص حول ھذا الأمر فإذا جاء رد المحكمة الدستوریة مثلاً، أن النائب أو العین لا یملك مثل ھذا الحق، فكیف لھ أن یراقب أداء الحكومة أو یحاسبھا بموجب الصلاحیات الدستوریة المخولة لھ. وقد تكمن الإجابة في حق مجلس الأمة تخفیض النفقات في الموازنة العامة عند مناقشتھا واقرارھا فاذا وجد العین أو النائب أن ھناك ما یستوجب إلغاء قرارات الحكومة .المتعلقة بأدارتھا یستطیع طلب تخفیض أو إلغاء بند الإنفاق المتعلق بھا .وھنا أیضاً یجب أن تأتي الإجابة من قبل المحكمة الدستوریة .والمثال الآخر یتعلق بمفھوم حصانة أعضاء مجلس الأمة یعتقد البعض أن حصانة أعضاء مجلس الأمة تقتصر فقط على أقوال عضو مجلس الأمة وآرائھ ومواقفھ المعلنة تحت قبة البرلمان، فلا یؤاخذ على حدیثھ أو یحاسب علیھ. وآخرون یعتقدون أن الحصانة تھدف إلى حمایة عضو مجلس الأمة من قیام الحكومة باستخدام الأسالیب المتاحة لھا للتأثیر على رأیھ أو مواقفھ، مما یحد من قدرتھ على مساءلة الحكومة ومحاسبتھا. وآخرون یعتقدون أن الحصانة تضع أعضاء مجلس الأمة فوق القانون خلال فترة .انعقاد المجلس في دورتھ العادیة أو الاستثنائیة وھنا أیضاً لا بد من أخذ رأي المحكمة الدستوریة في مفھوم الحصانة، لأنھ وبكل صراحة في بعض الأحیان یختبئ بعض أعضاء مجلس الأمة خلف الحصانة الممنوحة لھم للقیام بما لا یسمح بھ للمواطن العادي في مجالات لا علاقة لھا بعملھم. وھذا یؤثر سلباً على عضو مجلس الأمة بل وعلى مجلس الأمة ذاتھ وعلى الحكومة على حد سواء، ویولد قناعة لدى المواطنین أن عضو مجلس الأمة أصبح فوق القانون، وھذا حتماً لا یقبل بھ عضو مجلس .الأمة ولا یجب أن یكون لا أھدف في ھذا العرض إلى وضع تصور لعلاقة السلطتین التنفیذیة والتشریعیة فھذا عمل یتطلب دراسات دستوریة وقانونیة من قبل مختصین في ھذا الشأن. ولكن رأیت أن أضع ھذا كأسلوب للتعاطي مع ھذه المواضیع المھمة. وتجربتي عبر السنین كعضو في السلطتین التنفیذیة والتشریعیة علمتني أن غموض العلاقة بین السلطتین لھا أكبر الأثر على أداء كل منھا. وترك ھذا الموضوع المھم دون معالجة، سیكون لھ آثاره السلبیة على تطویر .الأنموذج الدیمقراطي الأردني